حوار عائلي

عن اختلاف الأجيال .
اجتماع عائلي موسع , بين مجموعة من الأهل في أحدى المناسبات السارة.
كان اللقاء بين شباب وفتيات وآباء وأمهات وعمات وخالات وأعمام وأخوال .
خليط من الأعمار من الكبار والصغار تربطهم روابط أسرية من قريب أو بعيد.
صاحب الدعوة , كبير أسرة ( آل يزيد ) رجل الأعمال المليونير : سعيد يزيد .
والمناسبة : افتتاح أحد مشروعاته الجديدة , في المدينة الصناعية 6 أكتوبر
في فيلته الواسعة حول حمام السباحة والحديقة المسورة على مساحة الفيلا وادارة
المشاريع .
حمام السباحة أو ( البسيم ) بلغتهم المستوردة , كان على شكل لوحة فنان الرسم
التي يستخدمها للتلوين بفرشاة الزيت . وحوله عدد من أعمدة الإضاة المحيطة به
ومشاية تلفه من الرخام المنقوش برسوم جميلة من أسماك البحر والغواصين .
قارب وقت الاجتماع من الساعة الخامسة بعد العصر في منتصف شهر يوليو
ويقوم عمال الخدمة على المكان بترتيب الكراسي والمظلات والمناضد , ويجلس
المجتمعون كل أسرة حول منضدة كبيرة تضم من ثمانية إلى عشرة كراسي .
وخلفهم على بعد أمتار تطل شرفات الفيلا التي تحتضن حمام السباحة .
بدأ المستمتعون بالسباحة في ( حمام السباحة ) من الشباب والفتيات يخرجون
بالمايوهات ويجففون أجسامهم , ويرتدون بعض السترات الخفيفة لينضموا
إلى أسرهم حول المناضد , استعدادا لتناول طعام الغذاء , والمشاركة في الحوار
العائلي الموسع الذي دعا إليه كبير العائلة الأستاذ ( سعيد يزيد )
ومدت موائد الطعام من أشهى الأنواع حسب طلب كل أسرة ( لحوم وأسماك
وطيور وفواكه ومخلللات وسلطات ....ومشروبات مختلفة من العصائر )
وكان صاحب الدعوة يجلس وسط المدعوين مع زوجته الهانم وولديه وبنته
ومن آن لآخر يرفع يديه محييا ضيوفه وأقاربه هنا وهناك .
كانت تلك عادته السنوية في هذا الموعد من شهر يوليو كل عام .
وبعد انتهاء الطعام , أضيئت المصابيح فبدا المنظر أكثر روعة وبهاء
وألقى الأستاذ سعيد كلمة قصيرة في بداية الحوار العائلي مرحبا فيها بالجميع
ودعاهم فيها إلى المشاركة في الحديث عن مشكلاتهم مع أبنائهم وبناتهم
ومقترحات كل أسرة حول الطريقة التي تراها لتقارب وجهات نظر الآباء
والأمهات مع أولادهم , وحثهم على التواصل والترابط والتمسك بقيم
الدين وصلة الرحم , واكتساب حسن الخلق والالتزام بسيرة سلفهم الصالح
ثم عرض المشكلات التي تواجهها كل أسرة في ذلك مع أفرادها .
بدأت ضحكات بعض الشباب والشابات من حديث الأستاذ سعيد يغطيها
تصفيق الحاضرين في نهاية كلمته .
وجاء الدور على كلمة الشباب .
من سيلقيها ؟!!

إنها ( إشراق) بنت الأستاذ سعيد يزيد التي جاوزت العشرين ربيعا .
كانت حلم كل شاب في العائلة , ومطمح أحلامه . أن يفوز بها .
قالت : انا سعيدة بوجودكم معنا , أهلي وعشيرتي جميعا .
وأود أن أعلق على حديث والدي الأستاذ الفاضل :
نحن جيل القرن الحادي والعشرين من الشباب نحترم آراء آبائنا وأمهاتنا
ولكننا نختلف معهم , في الرأي حول فرض سلوكيات عصرهم الذي
نشأوا فيه قبل ان تمتد عولمة الزمان الحديثة لتضع بصماتها الواقعية
من تقدم وتقتية وحرية فكر وتعبير .
اصالتنا في جوهرنا الداخلي , إننا كما تربينا على القيم الدينية لانزال
عليها في عدم الخروج على تلك الأصول الثابتة , لكننا نسلك إليها
سبلا حديثة تتمشى مع العصر .
نحن نحب المرح , ونحب أن نعيش حياتنا بحرية , وديمقراطية الحوار
نختار من الملابس مالا يتعارض مع الدين ومع مالايفرض علينا لبسه
أنا مثلا أحب أن أرتدي الحجاب القصير وليس النقاب .
وأتحدث إلى زملائي الشباب في الجامعة بأدب واحترام في حوارات
الحياة والدراسة , وهنا مع شباب عائلتي من أقاربي أنزل حمام السباحة
معهم نلعب امام أعين الجميع من أعمامي وأخوالي وأبي وأمي دون
أن نتجاوز المعروف من قيم الدين وما ربانا عليه الأهل .
دعونا أيها الآباء والأمهات من الخوف الزائد علينا من السقوط !!
ثقوا بنا ما دمتم قد منحتمونا التربية الصالحة التي تأصلت فينا .
وهنا ارتفع التصفيق الحاد من كل الشباب في الحفل .
وانتهت الكلمة . والعيون محملقة في تلك الزهرة اليانعة .



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )