أخشى ما أخشاه !!!

نحن نعيش وسط منطقة أطماع ومصالح عالمية كبرى تجعل لعاب القوى المسيطرة في العالم يسيل رغبة في الاستيلاء على مقدرات الدول النامية ، والضعيفة اقتصاديا ، وجعلها تحت سيطرتها وهي في أماكنها دون استعمار عسكري تقليدي ، وهذا ما يطلق عليه في عالمنا المعاصر ( الاستعمار الجديد )  من بعيد .
وهذا ما أخشاه على بلدي مصر .
ولقد كان من المفترض بعد ثورة 25 يناير 2011 أن تستقر الأوضاع  بما حبانا الله فيها من نعم الشعور بعدم الخوف أو الخشية إلا من الله تعالى ، بعد أن خرجت جموع الشعب الهادرة لتطيح بقوى البغي والظلم والقهر الداخلية التي فسدت وأفسدت البلاد، ونهبت ثروات شعبها وتركت اقتصاد البلاد يعاني من تدهور وفراغ ، وظلت بقايا هذا النظام تعمل في الخفاء على استمرار الانفلات الأمني في الشارع المصري وإشاعة الفوضى ، على رأي الرئيس المخلوع حين قال : علينا أن نختار بين الفوضى أو الاستقرار قاصدا أن يعود الشعب ليرضى بحكمه وما كان ينتويه من توريث ابنه ،
ليوهم هو ورجال حزبه المنحل بعض العامة أن الحياة قبل الثورة كانت أكثر أمنا واستقرارا ورخاء ، وهذه رؤية قاصرة ، وتغفل ما كان يجري من إهدار لكرامة الشعب لا داخليا فقط بل على المستوى العالمي حيث هبطت مكانة مصر دوليا ولم تعد لها ريادة وسط دول الشرق الأوسط قبل ثورة 25 يناير2011 
وأخشى ما أخشاه أن تروج فئة تسعى لكرسي الحكم بعد زوال عهد الفوضى إلى 
هذه الأفكار وأنها ستعيد الاستقرار الزائف بعيدا عن الأطماع العالمية في مصر
أخشى أن تقوض المباديء التي لا يختلف على إقراراها العالم ومنها:
أنه إذا حدث نزاع بين شعب وحكومته من أجل التغيير بقيام ثورة داخلية أو بين دولة ودولة أخرى أن يتم حل هذا النزاع بالطرق السلمية والمشروعة لإقرار حقوق الجماهير طبقا للقانون والدستور الذي يرتضيه أصحاب البلد ،
وبالمفاوضات والتحكيم وعدم جواز استخدام القوة في حالة الخلاف بين دولتين
واحترام حدود كل الدول . وعدم التدخل في الشئون الداخلية لأية دولة إلا بطلب منها حماية لمبدأ الأمن الجماعي المقرر سنة 1945 ، أو إذا ترتب على التغيير الذي يحدث في الشئون الداخلية لأية دولة تهديد للسلم والأمن العالمي بشكل حقيقي يمكن تلمس نتائجه فعلا ، وهنا تتدخل الدول القوية ، فأمر استخدام القوة وارد ومن الصعب استبعاده في ظل نظام الفيتو في مجلس الأمن بالأمم المتحدة المقرر لخمس دول قوية هي ( أمريكا وانجلترا وفرنسا وروسيا والصين ) 
وهي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن 
وأخشى ما أخشاه على مصر والبلاد العربية التي اندلعت فيها ثورات التغيير على الظلم والديكتاتورية في الحكم أن يحدث فيها ما جرى عند انقلاب ( هاييتي ) التي قامت بخلع رئيسها ، واستمرت حالة عدم الاستقرار لعدة شهور مما دعا أمريكا أن تقول : إن تغيير الرئيس في هاييتي يهدد السلام والأمن القومي فتم فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على البلاد هناك وتم إعادة الرئيس السابق المخلوع .
وفي إبريل سنة 1991 تمرد الأكراد على صدام حسين ، فأصدرت الأمم المتحدة تحت ضغط أمريكا قرارها رقم 688 الذي قررت فيه أمريكا أن صادم حسين في بغداد يهدد السلام والأمن القومي العالمي ، وحدث التدخل في شئون العراق وإعدام صدام.
إن أوضاعنا الداخلية الآن في مصر تطلب منا الحذر واليقظة وسرعة العمل على 
التوضيح للعالم أن ثورتنا تسعى بخطى حثيثة لإعطاء حقوق الإنسان لكل المواطنين 
وإننا  لانقبل عملية الجزرة والعصا بأن تقدم لنا المعونات لنخضع لسيطرة الاستعمار
الجديد من بعيد والذي يوجه سياساتنا حسب رغباته ومصالحه .
أخشى من تباطؤ إصدار الأحكام على المتورطين في إفساد الحياة السياسية والاقتصادية في مصر ، وعدم اتخاذ العدالة والمساواة في إخضاعهم لإجراءات 
السجن والمحاكمة والتعقب لثرواتهم واستردادها لصالح مصر ، حتى لاتبذر بذور الشك في المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأن بعض أفراد هذا المجلس يرغبون
في معاملة الرئيس المخلوع معاملة تميزه عن بقية المتهمين ببقائه في شرم الشيخ
وإن كنت مقتنعا بأن ما قامت به قواتنا المسلحة في وقوفها مع الشعب يدا واحدة أثناء الثورة شيء يفتخر به كل مصري فهم كما قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خير أجناد الأرض ) لأنهم من أبناء الشعب المصري 
أخشى ما أخشاه أن تتفرق الجهود بعد أن تكاتفت في الثورات المليونية السلمية
المشروعة التي أشاد بها العالم ، ولا تتحد الآراء حول هدف الدستور أولا التي
نادت بها القوى الوطنية الراغبة في مصلحة مصر الحقيقية وكما قال بذلك رئيس الوزراء عصام شرف ، فإن الالتزام بنتائج الاستفتاء بالبدء بانتخابات البرلمان
ليست قرآنا منزلا حتى وإن كانت نتيجة ذلك الاستفتاء 77% من الذين أدلوا بأصواتهم فيه ، فإن الأمور تتغير والظروف الحالية توجب التفكير في الأفضل،
 وإيمان المخلصين من أبناء مصر يجعلهم صامدون وعيونهم على ميدان التحرير لاستكمال ما يصبون إليه من أجل مصر الغالية
إن مسلمي مصر ومسيحييها متعايشون على أرضها منذ الفتح الإسلامي في سلام
ومحبة وتعاون ، وما يحدث بعد ثورة يناير لخلخلة هذه الوحدة شيء يدعو للخشية 
من آثاره إن استمرت إثارة الفتنة عن طريق الحاقدين على نجاح الثورة من الداخل أو الخارج ، وإن بنود الدستور الجديد يجب أن تعطيهم أمانا أكثر في ظل الشريعة
الإسلامية التي يبنى عليها الدستور باعتبار أن مصر دولة إسلامية ترعى المواطنة لكل أفراد الشعب 
وأخشى ما أخشاه أن يتنازل عن هذه الحقائق المشروعة الثابتة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )