معتقدات ومباديء ( مقال سياسي )

 من الناس من يظن أن الحياة  كلها شقاء ومتاعب وهموم وأحزان وخلاف وتخاصم وتقاتل بين البشر ، ولا مكان فيها للخير والعطاء والتفاؤل والأمل ،
وهؤلاء هم المتشائمون اليائسون القانطون
فإن الخير والشر متلازمان في هذه الحياة الدنيا يصارع أحدهما الآخر منذ خروج آدم من الجنة ثم مغفرة الله له وبقاؤه بعهدها هو وذريته في الأرض لمواجهة الجانب الآخر من الشر والفساد والظلم
وحتى نهاية الكون والوصول إلى الغاية الأخرى الأفضل في حياة أبدية تتسم بكل الخير والصلاح والنعمة ، أو حياة أسوأ لمن خالف هذا المنهج الاعتقادي العلوي المتحكم في قوانين الأرض والسماء وجميع المخلوقات 
وإنني في الحقيقة أساند الخير وأدعو له بالانتصار أيا كان سالكه ومريده ، لكن الشر يلاحقني بكثير من السبل ؛ من نفسي الأمارة بالسوء ، ومن شياطين الإنس والجن ، ووسوستهم الملعونة
دائما أدعو الله أن ينصرني على نفسي وعلى أعدائي معتمدا على نيتي وثقتي بالله أنه ينصر الحق في النهاية
وهناك صنف من الناس يرى أن من المعتقدات الراسخة أن الرزق بيد الله ، وأن الأمر كله محسوب ولا داعي للعمل والجهد والمصارعة على المكاسب المادية أو المعنوية  فهذا مما يجر عليه الشرور والمتاعب والآلام الجسدية والنفسية ؛ فيركن إلى الدعة والراحة منتظرا رزقه الذي قدره الله له ،
 وأحسب هذا الصنف قريب في معتقده من المتشائمون الكسالى الذين هم أصفار في دنيا الناس
فلقد خلق الله الدنيا للكد والعمل والسعي واتخاذ الأسباب ؛ أو كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه :( لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق وقد ظن أن السماء تمطر ذهبا أو فضة )
وقال لرجل قصر حياته على الجلوس في المسجد للعبادة : ومن ينفق عليك ؟
قال : أخي 
قال : أخوك أفضل منك 
من يعمر الأرض هو من يعبد الله حق عبادته ؛ لأنه يعلم أن العمل عبادة وكرامة وعفة للنفس عن السؤال ، وأن لكل إنسان الحق في أن يعمل ويجتهد ويكسب ويأمل في عيش أفضل طالما فيه رمق من حياة ،
فمن يقول إن الحكومة ملزمة بتوفير فرص العمل وتقدير الأجر بعدالة من حده الأدني إلى الأعلى لشعبها ، فليعلم أنها ليست متكفلة بتقدير الأرزاق للعاملين العابدين الذين يرون لله حقا فيما أنعم عليهم من رزق واسع فيؤدونه بمباديء سامية ، ومعتقدات روحية تضمن لهم حياة الراحة النفسية في مجتمع البشر وأحقاده وشروره ، فالله فضل بعضكم على بعض في الرزق ما دمت قد اتخذت الأسباب الصحيحة والمشروعة 
إنني أعتقد أن الحب مصباح السعادة ، وبقدر ما يمتليء القلب بطاقة المحبة الخلاقة تسير حياته في طريق مشرق مضيء بحب الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع هديه وسنته ،ومحبة الناس وحسن المعاملة كما وضَّح الدين الحق ( الدين المعاملة ) وعمل الخير بدافع من ضمير حي مؤمن بقيم الحق والتعاون والمحبة
وأؤمن أن الكلمة عهد وشرف وميثاق أقوى من أية عقود قد يوثقها الناس ، فالكلمة عند المؤمن هي مقياس رجولته وأصل تعاملاته حتى وإن كان من الحلال توثيقها في عالمنا المليء بالكذب والنفاق وإنكار الحقوق والأقوال عند الكثير من الخلق إلا من عصم الله تعالى
ولو تيقن الإنسان واعتقد بمثل تلك المباديء والقيم الأخلاقية وعلم أن الله عادل يضع الأمور في نصابها الحق ، ولا يرضى بظلم أو جور أو سرقة أو نهب أو غدر وخيانة أو خروج على بيعة  لمن جاء بطريق شرعي ليقود حياته ويدبر شئونه هو وغيره من أفراد الشعب بلا عصيان لله تعالى أو إقصاء لطائفة من الرعية أو محاباة لأهل أو عشيرة وأنه سبحانه يقدر الأرزاق والموت والحياة والأفضلية بين خلقه بما يرى أنه الصواب والحق والعدل والمساواة  والخير لعباده ،
 فإن هذا الإيمان والمعتقدات والمباديء السامية  تقربه أكثر من الله وتؤكد له أن وعده حق وصدق ، ونصره لتلك المعتقدات آت لا محالة
وسوف يظل الأمل هو المنار الهادي للمتفائلين الذي لا يؤيدون شعارات باطلة أو ينقادون لأفراد مضللة  ، وأن اختياره  لحكامه لا يأتي  بهمجية جاهلية أو تفرقة عنصرية بين مواطني الوطن الواحد
وإنما  بعمل وتعاون على الخير ومراقبة واعية ، ورؤية فكرية ناضجة لمجريات الأحداث التي تعصف بالأمة العربية  في مصر أو  سوريا  أو فلسطين أو السودان أو أي بلد عربي أو إسلامي يواجه الاختلافات بين طوائف الشعب وتفرق في الكلمة وتناحر على السلطة  ، وانقلابات على  النظام  بقوة عسكرية  ومساندة من قوة حكومة مؤقتة برجال شرطة وقضاء مأجورين أو غيرمقدرين  لمصلحة
شعب بأكمله دون تغافل عن قوى جماهيرية تملأ الشوارع بالمظاهرات السلمية والهتافات الرافضة للحكم العسكري مطالبة بحكم مدني  يأخذ بالبلاد إلى تبويء مكانتها بين الأمم الناهضة المتقدمة  
أمة تعتمد على شعبها ولا تعتمد على مد اليد لغيرها للتسول واكتساب التأييد لحكمها وحكامها دون أن يرتضيه الشعب بأكمله في ظروف عادية لا تخنقها الطواريء القهرية والقوة العسكرية وتفشي البلطجة والفوضى وإسالة  الدماء على أرض الوطن الطاهرة وضياع حقوق أرواح الشباب المقصود بالقتل والاعتقال والتعذيب وعودة النظام القمعي للمخابرات ومباحث أمن الدولة تلك الفئة التي تنادي جهارا
بأنهم أسياد البلد وأحق الناس بحكمه والسيطرة عليه ونهب خيراته بعدم تحديد الحد الأقصى لأجورهم على الفساد والإرهاب
إنني متفائل بهدوء ودون تعصب لهذا أو ذاك من المتصارعين على السلطة  بمعتقدات  المؤمنين من هذا الشعب ومبادئهم أن الفجر قريب وأن الظلم عاقبته وخيمة على  المخالفين لسنة الله في خلقه
وإن غدا لناظره قريب 



المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )