لمحات بيانية في آيات قرآنية



في يوم الجمعة المبارك
يستحب قراءة سورة الكهف بتدبر وروية وتفهمها بين سطور الآيات من إعجاز بلاغي
في كلماتها الإلهية ومعانيها الربانية
وفي هذه السورة الكريمة التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على قراءتها في يوم الجمعة
وقفت مرة مع سؤال وردني في أحد المواقع على الشبكة من سائلة فاضلة ، وكان ردي عليها متواضعا
في تلك المساهمة المنقولة لكم :
=================

من آيات الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم 

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :
( ......نرفع درجات منْ نشاءُ ، وفوق كل ذي علمٍ عليم ) سورة يوسف آية 76
=======================
دعوة إلى الرد على أسئلة القراء الكرام ـ منهجي فيها ـ أن أجتهد بما علمت في تواضع وتوقير لكلام الله جلَّ في علاه ، وينبغي لكل من يتعرض لشرح أو تفسير كلام رب العالمين أن يقول :
( والله تعالى أعلى وأعلم )
==============


سألتني أخت فاضلة هذا السؤال :
في سورة الكهف في قصة موسى عليه السلام الآيات " أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا
وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا
فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تستطع عَّلَيْهِ صَبْرًا "
ما سبب اختلاف الإرادة في الأولى أردت أي المتكلم في الثاني أردنا
أي المتكلم والله وفي الثالثة أراد ربك أي إرادة الله وحده
فما الحكمة في اختلاف الإرادات في المواضع الثلاثة؟
وأجبتها بما يلي : ( والله أعلى وأعلم )
الأخت الفاضلة ...............
جزاك الله خيرا
على محبتك لآيات الله تعالى ورغبتك في فهم دقائقها ومدلولاتها هدانا الله وإياك للعمل بما ترشدنا إليه من حكم ومواعظ
باسم الله أقول وبه وحده التوفيق والهداية :
العبد الصالح الذي أتاه الله الرحمة وعلمه من لدنه علما ( يقال صاحب العلم اللدني ) الذي اتبعه موسى عليه السلام:
في الجزء الأول من استفسار موسى عليه السلام منه عن خرق السفينة قال :
(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا)
فهذه هي إرادة العبد نفسه الرافضة لظلم الملك الذي يسلب السفينة من أصحابها ، والقيام بخرق السفينة إفساد لها ، ولا ينسب الفساد إلى إرادة الله سبحانه وتعالى .
وفي سؤال موسى عليه السلام الثاني عن إبدال الوالدين الصالحين ( بقتل صاحب العلم اللدني للغلام ) خيرا منه أجاب
(وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا )
هنا رجاء العبد الصالح وأهل القتيل وإرادتهم ورغبتهم ، ولكن الإبدال والتغيير بيد الله تعالى صاحب المصير والخير للخلق جميعا ، فكان قول العبد الصالح بعد قوله ( فأردنا ) ( يبدلهما ربهما )....إلخ
وفي الاستفسار الثالث من موسى عليه السلام عن إقامة الجدار رغم رفض أهل القرية استضافتهما ( موسى والعبد الصالح ) أجاب وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تستطع عَّلَيْهِ صَبْرًا "
الإرادة هنا لله وحده أطاع فيها العبد الصالح الأمر الذي أوحي إليه من ربه ( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي )
فلم يقل :فأردت أن يبلغا أشدهما لأن هذا أمر غيبي لا يعلمه إلا الله وحده الذي بيده أعمار خلقه جل وعلا له الملك وله الرزق وله الأجل ؛ فتعالى الله عما يصفون .
والله تعالى أعلى وأعلم

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )