الفرق بين المنهج التجريبي عند علماء المسلمين وعلماء الغرب

إن علماء المسلمين من الباحثين في مجالات التجريب العلمي على أسس دينية إسلامية كثيرون يعزى إليهم فضل اكتشاف أسس وأصول المنهج العلمي التجريبي في الحضارة الإسلامية ، وانتقل منهم إلى علماء الغرب في عهدهم أو بعده بمراحل زمنية مختلفة

ولنضرب مثالا لذلك :
اتجه العالم المسلم ( الحسن بن الهيثم ) إلى المنهج التجريبي الاستقرائي لإحداث تقدم ملموس في حركة التطوير العلمي والتقني ويقول في ذلك الشأن :
( رأينا أن نصرف الاهتمام إلى هذا المعنى بغاية الإمكان ونخلص العناية به ونوقع الجِّد في البحث ، عن حقيقته ، ونستأنف النظرفي مبادئه ومقدماته ، ؛ ونبتديء باستقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات ، وتمييز خواص الجزئيات ، ونلتقط باستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار وما هو مطرد لا يتغير ، وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس ، ثم نرتقي في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب مع انتقاد المقدمات والتحفظ من الغلط ،في النتائج ونجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه ونتصفحه استعمال العدل لا اتباع الهوى ، ونتحرى ـ في كل ما نميزه وننتقده ـ طلب الحق لا الميل مع الآراء ؛ فلعلنا ننتهي بهذا الطريق إلى الحق الذي به تثلج الصدور ونصل بالتدرج والتلطف إلى الغاية التي عندها يقع اليقين ، ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها مواد الشبهات ــ وما نحن من جميع ذلك براء مما هو في طبيعة الإنسان من كدر البشرية ، ولكننا نجتهد بقدر مالنا من القوة الإنساانية ، ومن الله نستمد العون في جميع الأمور )
وفي هذا البسط لأسس المنهج نلحظ جماعية الفكر وتعددية الآراء والأبحاث ليكمل بعضها بعضا دون إسناد المنهج لعالم بعينه ، ويوضح هذا خصائص تطور العلم التجريبي ومقومات البحث العلمي عند علماء المسلمين.
أما المنهج البيكوني عند (بيكون ) العالم الإنجليزي الغربي ؛ فأسس منهجه التجريبي يعتمد على مجموعة تعليمات وإرشادات تَلتَزِم ترتيبا محددا ، لا ينبغي تجاوزه مما لا يضفي عليه قدرا كافيا من المرونة ، كما وضح ابن الهيثم ،  فيقف جمود التعليمات عند بيكون أمام حركة  تطور العلم المستمرة .
كما أن المنهج الأرسطي  عند أرسطو ، وكذلك عند ديكارت ( افتقد هذه الأسس الموجودة في القراءة المتأنية للنصوص العلمية في التراث الإسلامي للمنهج العلمي ( للاستقراء التجريبي ) ؛
 فهاهو العالم جابر بن حيان يلقي مزيدا من الضوء الذي اتبعه ليؤكد خصائص المنهج التجريبي الاستقرائي فيقول :
( إن لكل صنعة أساليبها الفنية ، فالحذر من الإفراط في الثقة بنتائج تجاربه ، بالرغم من موضوعيته في البحث العلمي .)
=============
محمد فهمي يوسف بقلمي يوم 4فبراير 2016

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )