المشاركات

الابتكار والإبداع

أن تخرج عن نطاق النمط أو الأنماط التقليدية ( الروتينية ) الشائعة بين الآخرين بإنتاج متميز جديد فذلك هو الابتكار أو الإبداع ؛ لأنه حسن تصرف يبرزه الصانع أو الأديب المبدع في أدائه الابتكاري الذي لم يسبقه إليه غيره ؛ ولنضرب مثالا عمليا على ذلك : عندما يتمكن جندي في القوات المسلحة من ابتكار طريقة لتحلية مياه البحر المالحة في وحدته الدفاعية البعيدة عن مصادر الماء العذب  باستخدام ما لديه من إمكانات ـ كما لدى الأديب  من حروف وكلمات اللغة ـ بأن يقوم بتسخين ( موتور) دبابته ثم يكثف المياه المالحة ويستقبل قطرات الماء المكثف بواسطة خزان يرتبط بذلك ( الموتور ) لينتقل إلى عبوات (بلاستيكية ) لتبريده والشرب منه ؛ هنا يمنح  براءة اختراع لأنه جندي مبتكر مبدع حقق الغاية المستهدفة بأقل تكلفة وأقصر وقت وبأدنى جهد ممكن . وعملية الإبداع والابتكار فطرية في أنواع الذكاء الإنساني تختلف باختلاف القدرات والمواهب والثقافة والتفكير البنائي تحتم عليه كيف يتصرف وينمي أفكاره وخيالاته للارتقاء بها إلى أقصى جودة تبهر الآخرين لسبقه وتفرده  وعند متابعة ماتقول اللغة العربية عن أصل مادة ( الابتكار ) وهو : الباء والكا

مناظرة أدبية بين شاعر ولغوي

قال أبو علي الحاتمي :(كان أبو الطيب عند وروده مدينة السلام التحف رداء الكبر َ  .....وصعَّر خده وخُيِّل إليه أن العلم مقصور عليه ، وأن الشعر بحر لم يغترف نمير مائه غيره ..... حتى إذا تخيل أنه القريع الذي لا يقارع وساء المُعِزُّ الدولة ألا يكون في مملكته أحد يماثله في صناعته ويساويه في منزلته ، نهضتُ حينئذ متتبعا عواره ( عيوبه ) ومتعقبا آثاره ، ... ومقلما أظفاره .... وفي موقف من هذه المنازلات رأى أن يثني رأسه إليَّ  فوالله ما زادني على أن قال : _ أي شيء أخبرك ؟ قلت : أنا بخير إني لأسمع جعجعة ولا أرى طحنا ! فامتقع لونه وسقط في يده ، وجعل يلين في الاعتذار فقلت : ياهذا إن جاءك رجل شريف في نسبه تجاهلت نسبه ، أو عظيم في أدبه صغرت أدبه ، فهل العز تراث لك دون غيرك ؟ كلا والله إن عندي أشياء تختلج في صدري من شعرك أحب أن أراجعك فيها . قال المتنبي : وما هي ؟! قلت : خبرني عن قولك  فإن كان بعض الناس سيفا لدولة = ففي الناس بوقات لها وطبول أهكذا تمدح الملوك؟ وعن قولك : ولا منْ في جنازتها تجار = يكون وداعهم نفض النعال  أهكذا تؤبن أخوات الملوك ، والله لو كان هذا في أدنى عبيدها لكان قبيحا . و

الحماية والأمن

الحماية والأمن : تقول اللغة العربية:حَمَى الشيءَ يَحْمِيه حَمْياً وحِمايَةً، بالكسرمَنَعَهُ.ودفع عنه والحامِي: الفحلُ من الإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرابَ المَعْدودَ، ومنه قوله تعالى: "ولا وَصيلَةٍ ولا حامٍ". حَمَيْتُهُ حِمايَةٌ، إذا دفعت عنه. وهذا شيء حِمىً، أي محظورٌ لا يُقْرَبُ. وفي الحديث: "لا حِمى إلاّ لله ورسوله". وقال الشافعي، رضي الله تعالى عنه، في تفسير قوله، صلى الله عليه وسلم: لا حِمَى إلا لله ولِرَسُولِه، قال: كان الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلداً في عشيرته اسْتَعْوَى كَلْباً فحَمَى لخاصَّته مَدَى عُواءِ الكَلْبِ لا يَشرَكُه فيه غيرهُ فلم يَرْعَه معه أَحد وكان شريكَ القوم في سائر المرَاتع حَوْله، وقال: فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يُحْمَى على الناس حِمىً كما كانوا في الجاهلية يفعلون، قال: وقوله إلا لله ولرسوله، يقول: إلا ما يُحْمَى لخيل المسلمين ورِكابِهِم التي تُرْصَد للجهاد ويُحْمَل عليها في سبيل الله، وإبل الزكاة، كما حَمَى عمر النَّقِيع لِنَعَمِ الصدقة والخيل المُعَدَّة في سبيل الله. وحامَيْتُ على ضيفي، إذا احتفلتَ له. قال الشاعر

عام يمر وعام يسر

وداع عام واستقبال آخر ****************** نودع اللحظات والساعات والأيام والشهور والأعوام ونودع الأحباب والأشخاص فراقا ، وبعدا جسديا مع وجودهم مع نبض القلوب ونودع الأماكن ( في المدرسة ، والجامعة ، ومكاتب العمل ، والنوادي ، والبلاد ) ونودع الأحداث ، والمواقف ، والمشاهد ، والتاريخ ، عندما تصبح ذكرى بعد عين . نعبر كل ذلك على خطوات الزمن الذي لا يتوقف ونتذكر قول أمير الشعراء أحمد شوقي : دقات قلب المرء قائلة له = إن الحياة دقائق وثوان ويهل علينا بعد سويعات قليلة عام جديد . هو عام 2011 فهلْ يذكرنا العام المنصرم ، بما ينبغي علينا أن نودعه إلى الأبد؟ من أشخاص لانريد أن نتذكرهم لما تركوا في نفوسنا من أثر سيء بأقوالهم وأفعالهم الشريرة .؟ ومن مشاهد قبيحة ، ومواقف سيئة ، وتاريخٍ أسود كله أسى وجراح ، ندعو الله ألا تعود علينا.؟ ومن أماكن كانت تملأ أرواحنا ذلا وقهرا وتنشر الأشواك في طريقنا إلى السعادة.؟ ومن عادات جاهلية كانت تبعدنا عن خالقنا مانح الحياة مستحق العبادة فنندم على تفريطنا ؟ ومن أقوال أسأنا بها إلى غيرنا ، وأفعال غرست الكراهية في قلوبهم ضدنا ؟ وهل سيأتي العام الجديد وقد تبن

الذنوب ، والتوبة منها

المعاصي التي عمت البشرية في هذا الزمان ، وكثرت حتى لم ينج منها أحد عرفها ابن تيمية بأنها : ترك شرع الله ، وعرفها آخرون بأنها : فعل المحظورات ، وترك المأمورات. وتنقسم المعاصي إلى كبائر ، وصغائر ومن الكبائر ؛ الشرك بالله وهو أولها وأخطرها ، ولا تقبل من صاحبه توبة ، إلا إذا رجع إلى الحق وآب إلى الطاعة والتوحيد وترك الشرك والنية على عدم العودة إليه أبدا. قال تعالى :( إن الله لايغفر أن يشرك به ، ويغفر لما دون ذلك لمن يشاء ) ومن الكبائر عقوق الوالدين ، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم والربا . وأما الصغائر فهي ما سماه العلماء بالذنوب والآثام والخطايا والسيئات والهفوات وهي ما دون الكبائر في المعصية . وتنقسم الذنوب إلى أربعة أقسام : ذنوب ملكية وذنوب شيطانية وذنوب سبعية وذنوب بهيمية  وإذا أردنا أن نضرب أمثلة عن كل نوع من هذه الذنوب ؛ فإن أولها من ينازع الله سبحانه وتعالى في صفة من صفاته التي  انفرد بها ، كالكبرياء والعظمة والتعالي والجبروت ، فقد نرى من البشر من يجعل أنفه في السماء ويرى البشر حشرات لا قيمة لهم في نظره ، يحتقرهم ويتكبر عليهم كفرعون الذي كان يقول أنا ربكم الأ

من ذكريات الصبا والشباب

صورة
ذكريات الصبا والشباب في إحدى الإجازات الصيفية وكنت في سن الخامسة عشرة وكان الوقت شتاء والمطر يملأ الطرقات في قريتنا بالوحل ولا يوجد لدينا كهرباء في البيوت وكنا نستضيء بلمبات الغاز لنذاكر دروسنا المدرسية وننجز ما كلفنا به من واجبات منزلية حتى يخفت ضوء مصباح الغاز وفي إحدى الليالي حضر عندنا ابن عمي ( عيد ) مصطفى وكنت قد انتهيت من واجبي , وجلسنا نتسامر , وكان عندي ( شطرنج ) وأهوى اللعب به وقلت لمصطفى : هيا نلعب الشطرنج فقال : أنا لاأعرف تلك اللعبة فقلت له تعال أعلمك إياها فهي لعبة ذكاء وتفكير وفعلا سهرنا تلك الليلة نلعب معا حتى أتقنها وتعلمها مني وأحبها .وكان يأتي بعدها ويلعب الشطرنج حتى يغلبني في بعض الأدوار . وبعد أن دخلت الجامعة في السنة الأولى بكلية دار العلوم . طلب مني أبي أن أخطب الجمعة بمسجد قريتنا لغياب الشيخ مصطفى خطيب المسجد في هذا اليوم ومكثت طوال الليلة أذاكر في الخطبة التي سأخطبها لأول مرة على منبر المسجد أمام كبار رجال القرية وشبابها وحضر جميع أصحابي وأقاربي من الشياب ليحضروا تلك الخطبة وكان منهم مصطفى ابن عمي محمود ( عيد ) وكانت الخطبة بعنوان صلة الأرحام من

دروس من الهجرة 1432

تعلمت من الهجرة النبوية  الشريفة : حسن التخطيط لنجاح الهدف. فقلد كان اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم ، لغار ثور في الاتجاه المخالف لتوقع أعدائه الكفار أن يتجه إلى المدينة المنورة  فراحوا يجدون في اللحاق به على طرقها . لكنه خطط وأجاد التخطيط في رحلة الهجرة الناجحة . وتعلمت من دروس الهجرة الشريفة: الثقة واليقين بنصر الله وأمنه من كل خوف يلحق بالإنسان . ذلك من اليقين الذي بثه المصطفى صلى الله عليه وسلم في نفس صاحبه أبي بكر وهما في الغار ، حين قال له : يا رسول الله ، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ، فأجابه : يا أبا بكر ما بالك باثنين الله ثالثهما ؟، لا تحزن إن الله معنا .وكذلك حين كاد سراقة اللحاق بركب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فساخت قدما فرسه في الصخر ، وأيقن أن الله يحمي نبيه صلى الله عليه وسلم . وتعلمت من دروس الهجرة النبوية الشريفة أيضا : أن الرزق يكفله الله للناس من حيث لايحتسبون  وأن رزقك وطعامك سوف يأتيك مهما ضاقت بك السبل لتحصيله ، فلن يتخلى الله عن رزق خلقه ، مؤمنهم وكافرهم ، ولن يحصل على رزقك سواك ، ولن تأخذ رزق غيرك الذي قدره الله له ، فعندما مر محمد صلى الله عليه وسلم ومعه ر