الهولوكوست

هتلر واليهود
=======
( ......... وفي مايو آيار 1944 أصدر هتلر أوامره بنقل 200 ألف يهودي للعمل في مصانع السلاح أو في معسكرات الاعتقال , على أن يتولى حراستهم 10 آلاف من أفراد جهاز الأمن الخاص .وكانت ظروف العمل مروعة , فضلا عن تفشي وباء التيفوس , الذي أدى الى وفاة عشرات الآلاف من الأشخاص , مما استدعى مضاعفة عدد الأفران المخصصة لحرق جثث الموتى .
وفيما بعد نقل هؤلاء المعتقلون للعمل في شق الطرق وتعبيدها في ظل أوضاع قاسية نظرا للانهاك والجوع , مما أسفر عن مصرع عشرات الألوف أي غالبيتهم , لقد سقط هؤلاء الشهداء من المعتقلين اليهود والسلاف ضحايا وحشية السادة النازيين الذين كانوا يعاملونهم كالعبيد ويحرمونهم حتى من الاحساس بقيمة العمل الانساني النافع .
ولا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من شأن تلك الجرائم , أو الاستخفاف بما تكبده الضحايا من أهوال وويلات . ولهذا فليس ثمة حاجة لأن نقحم في هذه الصورة المأسوية المروعة مشاهد الحرائق المستقاة من جحيم ( دانتي ) ولا لأن نضفي عليها تلك الايحاءات الدينية المقدسة التي تنطوي عليها كلمة مثل :( الهولوكوست ) .
فسرد الوقائع التاريخية المجردة في حد ذاته أبلغ وأقدر على دمغ الجريمة من أي أساطير لاتقوم على أسانيد .
ثم ان السرد التاريخي لا يمكن أن يختزل جريمة بهذا الحجم في حق الانسانية بأسرها لتصبح مجرد مذبحة تستهدف طائفة بعينها من الضحايا
الأبرياء , ولا يمكنه بالمثل أن يتناسى أن هذه الجريمة راح ضحيتها 50 مليونا من البشر , ولا لأن الملايين قد ماتوا وهم يشهرون أسلحتهم
في مواجهة هذه الهمجية .
وتجدر الاشارة في النهاية الى أن هذا التقييم التاريخي لا يدعي لنفسه أنه القول الفصل النهائي . فهو قابل للمراجعة شأنه شأن أي تاريخ نقدي وأي فرع من فروع العلم , وسوف يعاد النظر فيه دون شك مع كشف النقاب عن عناصر جديدة . فهناك آلاف الأطنان من الوثائق الألمانية التي استولى عليها الحلفاء ثم نقلت الى الولايات المتحدة , ولم تخضع للفحص الكامل حتى الآن , كما نقل جزء من هذه الوثائق الى روسيا , وظل الاطلاع عليها في حدود ضيقة .
ولا تزال الحاجة قائمة لبذل جهود ضخمة مكثفة , ولكن نجاحها مرهون بعدم الخلط بين الأسطورة والتاريخ , وعدم وضع نتائج مسبقة قبل الشروع في البحث , وغير ذلك من عناصر ذلك النهج الذي تحاول نزعة الارهاب أن تفرضه . فقد ثبت أخيرا على سبيل المثال أنه لا أساس لهذه ( القداسة ) التي أضيفت على ما استندت اليه محاكمة نورمبرج من نصوص .
فالتاريخ مثله مثل سائر العلوم . لايمكن أن يقوم على أحكام مسبقة أو مسلمات لا تمس . فقد أعلنت محكمة ( نورمبرج ) أرقاما شتى عن أعداد الضحايا , ثم ثبت فيما بعد أن أبرز تلك الأرقام لم يكن صحيحا , اذ ذكرت في البداية أن عدد ضحايا معسكر ( أوشفيتش ) يبلغ ( أربعة ملايين ) قتيل ثم خفض بعد ذلك ليصبح ( أكثر من مليون بقليل ) وقد قبلت السلطات المعنية هذا النوع من المراجعة , وقامت بتغيير اللوحات التذكارية الموضوعة على مدخل المعسكر .
ويصدق القول نفسه على رقم ( ستة الملايين ) من الضحايا اليهود والذي شكك في صحته عدد من أشد المدافعين عن مقولة الابادة من أمثال
( رايتلنجر ) الذي في كتابه ( الحل النهائي ) أشار الى أن عدد الضحايا هو ( أربعة ملايين ونصف المليون ) أما اليوم فقد غدا رقم ( ستة الملايين ) موضع شك في أوساط الباحثين حتى ولو ظل عنصرا ثابتا في الدعاية الاعلامية , وفي المناهج الدراسية .
............. ونحن نذكر ذلك لاثبات اصرار البعض على ترسيخ الأكذوبة حدا بهم الى تلفيق وتزوير وقائع التاريخ بشكل متعمد ومخطط
فقد سعى هؤلاء الى الحط من قدر التضحيات التي تكبدها الآخرون على أيدي النازية خلال الحرب العالمية الثانية التي أسفرت مثلا عن مقتل 17 مليونا من المواطنين السوفييت وتسعة ملايين من الألمان وذلك لرغبتهم ألا يبدو العدد الحقيقي للضحايا اليهود ( تافها ) كما سعوا الى اضفاء طابع القداسة على معاناة اليهود دون غيرهم من الضحايا ( من خلال مصطلح الهولوكوست .)
****************************************************************
منقول : من كتاب ( الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية ) للكاتب الفرنسي : روجيه جارودي
تقديم الصحفي الشهير : الأستاذ ( محمد حسنين هيكل ) الناشر : دار الشروق .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )