حروب الفِجَار

في سوق عكاظ
تعاكظوا أي ؛ تفاخروا
قام الشعراء يتفاخرون , ليذهب صيتهم في الناس , وكان بدر بن معشر أحد رجال بني غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة
والد أبي ذر الغفاري ؛ قام ومد رجله بعد أن أنشد وقال :
أنا أعز العرب فمن زعم أنه أعز مني فليضربها . 
يعني ؛ رجله .

فجاء الأحيمر بن مازن أحد رجال بني هوازن بني دهمان بن نصر بن معاوية وضربها بسيفه ضربة يسيرة شجت الجلد قليلا ؛
فثارت كنانة لبدر , وثارت هوازن للأحيمر , وكادت الحرب أن تنشب في الأشهر الحرم , وكان دم الغفاري أول دم سال في عكاظ في الشهر الحرام .
فكان ذلك أول يوم من أيام الفِجَار المعروفة .

والفجار الثاني ؛
حين انتشر الشباب في سوق عكاظ , وجاء فتية من قريش ورأوا امرأة من بني عامر بن صعصعة وضيئة جميلة
وعليها برقع ؛ وهي في درع عليه تهاويل تجذب الأبصار ؛ فطافوا بها ثم قالوا :
اسفري عن وجهك .
فأبت عليهم , فأتى أحدهم من خلفها فشد دبر درعها بشوكة إلى ظهرها وهي لاتدري , فلما  قامت تقلص الدرع عن دبرها ؛ فضحكوا . وقالوا :
مَنَعَتْنَا النظر إلى وجهها فقد رأينا دبرها .
فنادت المرأة في فزع وغضب : يا لعامر !!
وخف إليها بنو عامر بن صعصعة , وما أن عرفوا ما حل بالعامرية حتى استلوا سيوفهم , وجاء القرشيون ينصرون شبابهم ظالمين , وتحاور الناس ثم نشب بينهم قتال سالت فيه دماء يسيرة , وقبل أن تشتعل نار الحرب بين الحيين جاء حرب بن أمية زعيم قريش وأعلن أنه يتحمل ما سال من دماء ويعوض عنها , وأصلح بينهم وانتهى الفجار الثاني .

الفجار الثالث :
جهز النعمان بن المنذر عير التجارة لسوق عكاظ وقال : من يجيرها ؟
فقال البراص النمري : أنا أجيرها على بني كنانة .
 وقال عروة الرحال :أنا أجيرها من أهل نجد وتهامة , فوافقه النعمان , وتبع البراص عروة وقتله جانب فدك , وافتخر البراص بقتل سيد هوازن, واستاق العير إلى خيبر  واتبعه المساور بن مالك الغطفاني وأسد الغنوي  , فقتلهما البراص وساق راحلتيهما معه .
وكانت قريش توقن أن هوازن لن ترض بقتل البراص بعروة  وتقول : ( خليع من بني كنانة بسيد هوازن ) بل لابد من قتل عظيم من قريش , وبلغ قيس قتل زعيمهم وفرار قريش إلى مكة , فخرجت على أثرهم , فقال حرب بن أمية لأبي سفيان ابنه , موعدنا معهم في قابل ( يوم نخلة ) وحال الحول وانتصرت هوازن على قريش , ثم انتصرت عليهم  ( يوم شمطة ) .
والتقوا في العام الثالث , وقتل من قريش العوام والد الزبير وهو ابن خويلد شقيق خديجة , قتله معتب الثقفي , وسمي اليوم ( بيوم العبلاء ) وقال معتب :
منا من ترك العوام مجندلا = تنتابه الطير لحما بين أحجار

وانصرم عام , وخرجت قريش وكنانة , وخرج آل عبدالمطلب فيمن خرج إلى عكاظ , وقد أخذ أبوطالب ابن أخيه محمد بن عبدالله معه , وحمل ابن جدعان مئة رجل على مئة بعير , والتقى القرشيون مع هوازن بشرب , وقيد أمية وحرب ابنا عبد شمس وأبوسفيان أنفسهم كيلا يفروا من اللقاء , فسموا ( العنابس ) يعني الأسود , وراح محمد بن عبدالله ينبل على أعمامه , فانهزمت هوازن , وقتلت قتلا ذريبا ( شديدا ), وأثلجت صدور القرشيين , والتفت أبوطالب إلى ابن أخيه محمد بن عبد الله وقال له :
لا أبا  لك  لاتغب عنا .
ثم التقوا بعد عام , ودار قتال رهيب , ثم نادى عتبة بن ربيعة بن عبد شمس الصلح . الصلح . 
ورضيت هوازن بدفع الدية , وأن تعفو قريش عن دمائها .
وبذلك انتهت حرب الفِجار  بحضور محمد بن عبد الله . ( صلى الله عليه وسلم )
***************************************************************

بتصرف من كتاب ( محمد رسول الله ) الجزء السابع 
لمؤلفه : عبد الحميد جودة السَّحار .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )