محاضرة أسلوب النداء

بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة والأخوات أعضاء المركز الصوتي لملتقى الأدباء والمبدعين العرب اليوم الخميس السابع عشر من شهر شعبان عام 1431 هجري الموافق للتاسع والعشرين من شهر يوليو تموز2010 ميلادية .
أهلا بكم ومرحبا ، معي في هذه المحاضرة المتواضعة في اللغة العربية ، عن :
(أسلوب النداء)
وسوف نتناول فيها بإذن الله تعالى وتوفيقه

معناه ـ وأنواع أسلوبه وأغراضه ؛
وأدواته واستخداماتها
وأقسام المنادى ـ وإعراب كل نوع.
مع شكركم على التواصل وحسن الاستماع حتى ننتهي من المحاضرة ، ثم نتلقى أسئلتكم القيمة ، وأحاول الإجابة عنها على قدر علمي ( وفوق كل ذي علم عليم )
ونبدأ ب :( اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا )
ودائما علينا أن ندعوَ قائلين :( وقل ربِّ زذني علما )
مفهوم النداء لغويا :
النِداءُ: هو الصوت، في معاجم اللغة.
وقد يُضَمُّ مثلَ : الدُعاءُ ،الذي بدأنا به حديثنا والرُغاءُ ؛ وهي لغة التفاهم بين أصناف من الخلق.
وجاء في ضبطها لغويا بقلة ( النَُُدَاءُ ) بضم النون وتشديدها سماعا.

.ونادَاهُ مُناداةً ونِداءً، أي صاح به.
وتَنادَوْا، أي نادَى بعضُهم بعضًا.
وأصلُ الهمزةِ في آخرها أنها منقلبة عن الواو .(ندو)
أنواع أسلوب النداء وأغراضه :
*أسلوب النداء :طلب الإقبال بالحرف ( يا ) أو أحد أخواته التي سنعرفها لاحقا إن شاء الله..
إقبالا حقيقيا ،كأن تنادي على غلامك فتقول : ياغلامُ
أو مجازيا ؛ أي يراد به الاستجابة كما في نحو : ياأللهُ
وقد يكون الغرض من النداء ؛
تأكيد المعنى وتقويته ، مثل قولنا لمن يستمع لحديثنا :
إن الأمر هو ما فصَّلته لكم يا إخوتي الكرام .
ويتكون الأسلوب من ( الأداة والمنادى والغرض )
*أسلوب (الندبة ):ومعنى المندوب : هو المتفجع عليه ، أو المتوجع منه. وهو لا يسمع النداء حقيقة بل مجازا. كأن تنوح المرأة على زوجها ؛ يا بعلي ، ياسبعي ، أو يشكو المرء من ألمه قائلا: وا ركبتاي.
*أسلوب (الاستغاثة) : والمستغاث فيه؛ هو من ينادى لِيُخَلِّصَ في شدِّةٍ ، أو يُسَاعِدَ في دَفْعِهَا. مثل : وا رباه
* والأصل أن يكون المنادى حقيقيا عاقلا ؛كي يكون في استدعائه وإسماعه فائدة ، ترجى من ندائه
*وقد ينادى على غير العاقل لداعٍ بلاغي :
مثل قوله تعالى في قصة نوح عليه السلام:
( وقيل يا أرضُ أبلعي ماءك ، ويا سماءُ أقلعي )
وفي قوله مثلا في قصة داود عليه السلام: ( يا جبالُ أوبي معه )
وقول الشاعر :
يا ليلُ طُل ، يا نَومُ زل = يا صُبحُ قِفْ لاتَطْلُعِ
*وقد يدخل النداء على الحرف مثل :
( يا ليت لنا مثلما أوتي قارون ...) و ( يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين )
وقول الشاعر :
فيا ربما بات الفتى وهو آمنٌ = وأصبح قد سُدَّتْ عليه المطالعُ
* أو على الفعل مثل :
كقول الشاعر:
يا حبَّذَا النيل على ضوء القمر= وحبذا الماء فيه والسحر


أدوات النداء :
ستة حروف وهي:
1- يا ؛ أم الباب ،
وفي ياء النِّداء لغات، وهي منجبات الياء من الأحرف الأخري للنداء ؛أو أخواتها في الباب ؛ تقول:
يا فلانُ
وقال الشاعر يمدح الرسول عليه الصلاة والسلام :
كيف ترقى رُقِيَّك الأنبياءُ = يا سماءً ما طاولتها سماءُ؟!
أَيا فلانُ
آيا فلانُ
هَيا فلانُ،
الهاء مبدلة من الهمز في أَيا فلان،
أفلانُ
وربما قالوا فلانُ بلا حرف النداء ؛ أَي يا فلانُ.
قال ابن كيسان: في حروف النداء ثمانية أَوجه:
يا زَيْدُ
ووازَيْدُ
وأَزَيْدُ
وأَيا زَيْدُ
وهَيا زَيْدُ
وأَيْ زَيْدُ
وآيا زَيْدُ
وزَيْدُ؛
2- أي ؛
أَلمْ تَسْمَعي، أَيْ عَبْدُ، في رَوْنَقِ الضُّحى =غِناءَ حَماماتٍ لَهُنَّ هَدِيلُ؟!
3- هيا ؛
قال الشاعر:
هَيا أُمَّ عَمْرٍو، هل ليَ اليومَ عِنْدَكُمْ= بَغَيْبَةِ أَبْصارِ الوُشاةِ، رَسُولُ؟
4- الهمزة ؛
مثل قولنا للعميد:
أَشعبان ، مَأْواكُمْ لِمَنْ حَلَّ واسِع.
وقول الشاعر ينصح ابنه :
أأسيدُ إن مالا ملكـ = ت فسر به سيرا جميلا
5- أيا ؛
قال الشاعر :
أَيا ظَبْيةَ الوَعْساءِ بَيْنَ حُلاحِلٍ
(الأرض اللينة الرملية بين أسياد ذوي مروءة شجعان ) قال امرؤ القيس:
يا لَهْفَ نفسي إِن خَطِئْن كاهِلا= القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا وقال ابن بري: والحُلاحِل أَيضاً التامّ؛
6- ( وا ؛ وتستعمل لنداء المندوبِ ) أو المستغاثِ به؛
كقول الشاعر في الرثاء :
وا محسنا مَلَكَ النفوسَ بِسِّرِهِ = وجرى إلى الخيرات سبَّاق الخطا
والمندوب : هو المتفجع عليه ، أو المتوجع منه كما أوضحنا.
، وقد تستعمل فيه ( يا ) إذا امتنع اللبس ؛
مثل قول الله تعالى على لسان العاصي يوم القيامة:
(يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين)
أو ما قاله الشاعر في رثاء عمر بن عبد العزيز :
حمُِلت أمرا عظيما فاصطبرت له= وقمت فيه بأمر الله يا عمرا .
فإذا التبس الأمر بين أن تكون ( يا ) للندبة أو الاستغاثة أو لا تكون ؛
وجب تركها واستخدام ( وا )
كقول المرأة التي استصرخت بالمعتصم مستغيثة ؛ لفجيعة أصابتها من الروم ( وا معتصماه )
وسئل أحدهم : مالك تضع يدك على كبدك؟
فردد قول الشاعر:
فوا كبدا من حُبِّ منْ لا يحبني = ومن عبراتٍ ما لهن فناء !!
واحر قلباه ممن قلبُه شبم= ومن بجسمي وحالي عنده عدم

ولكل من هذه الأدوات غرض عند استخدامها ؛
أ) فتستخدم ( يا ) للبعيد ، ماديا ، أو معنويا ؛ بارتفاع المكانة والمنزلة كما في ندائنا ( ياألله ) لعلو شأنه وتقديسه . أو في حكم البعيد ؛ كالنائم والغافل ، وكذا الحروف آ ، وأيا ، وهيا .)
ب) ويستخدم لنداء القريب المحبب إلى النفس أو القريب ماديا : ( الهمزة . وأي )، وأحيانا تحذف أداة النداء ، ويبقى المنادى بحكمه الإعرابي،
كما في قول الشاعر:
إنما الأرض والسماء كتابٌ= فاقرأوه معاشرَ الأذكياء
بمعنى ؛ يا معاشرَ الأذكياء.
للدلالة على القرب أيضا.
ج) وا ؛ وتستخدم للتحسر والتوجع والاستغاثة , ومعها ( يا ) إذا امتنع اللبس
ويجب عدم حذف ( يا ) في المواضع الآتية :
1*في النداء على المندوب ،
2*في المنادى البعيد
كقول الشاعر:
يا صادحا يشدو على فنن = رُحْمَاك ، قد هيَّجْتَ لي شَجَنِي
3*في المنادى النكرة غير المقصودة:
يا محسنًا لاتكدر إحسانك بالمَنِّ.
4*في المنادى المتعجب منه:
يا لفضل الوالدين على الإنسان. يالرحمة الله باليتيم.
5*في المنادى ضمير المخاطب عند من يجيزه:
يا أنت يا خير الدعاة للهدى= لبيك داعيا لنا ، وهاديا
حالات المنادى وأحكام إعرابه:
ولا يخلُو المنادى من أن يكون :
*مفردا
*أو مضافا
*أو شبيها بالمضاف
1- فإن كان المنادى مفردا ؛ فهو :
*إما أن يكون معرفة ، كمنى وسعيد وعبد الرحمن
*أو نكرة مقصودة، كما تنادي على نكرة بعينها مثل ( يا رجلُ ) ( يا ناجحان ) ( يا معلمات) (يا مسافرون)
أو غير مقصودة . مثل ياسائرا توقف ، يا سائرين)
*فالمفرد المعرفة أو النكرة المقصودة ، يبنيان على ما كانا يرفعا به ؛
مثل : يا زيدُ ، يارجلُ ، يا زيدان ، يا رجلان ، يا مهندسون ، يا معلماتُ ؛
ويكون المنادى في محل نصب على المفعولية ؛ لأن المنادى مفعول به في المعنى ، وناصبه فعل مضمر نابت ( يا ) أو حرف النداء منابه ،
والتقدير ( أدعو زيدا )
يقول مالك في ألفيته :
والمفرد المنكور والمضافا = وشبهه انصب عادما خلافا
2- والمنادى المفرد النكرة ؛ غير مقصودة
والمضاف؛
أوالشبيه به ينصبان ،
فمثال الأول المفرد النكرة غير المقصودة؛
قول الأعمى ( يا رَجُلا خُذْ بِيَدِي )
ومثال الثاني النكرة المضاف ؛
قول الشاعر:
يا ناشرَ العلمِ بهذي البلاد= وُفِّقْتَ ؛ نشرُ العلمِ مثلُ الجهادِ
وقولك ( ياغلامَ زيدٍ ، ويا ضاربَ عمرو )
ومثال الثالث الشبيه بالمضاف قولك؛
يا طالعًا جبَلا ، ويا حسنًا وجههُ ، ويا ثلاثةً وثلاثين
3- إذا كان المنادى مفردا علما ، ووصف بابن مضافة إلى علم ، ولم يفصل بين المنادى وبين ابن جاز لك في المنادى وجهان؛
*البناء على الضم ، نحو ( يا زيدُ بن عمرو )
*والفتح اتباعا على المحل ؛ نحو ( يازيدَ بن عمرو ) ويجب حذف ألف ابن بينهما إلا إذا جاءت أول السطر .
4- المنادى المضاف لياء المتكلم :
قال ابن مالك في ألفيته:
واجعل منادى صح إن يضف ليا = كعبد عبدي عبد عبدا عبديا
إذا أضيف المنادى إلى ياء المتكلم؛
فإما أن يكون صحيحا، مثل (عبدي )
ففيه خمسة أوجه :
1-*حذف ياء المتكلم والاستغناء عنها بالكسرة نحو؛ ياعبدِ، وهذا هو الأكثر ومثل (قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَنِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ)الأحقاف 15
2-*إثبات الياء ساكنة نحو ؛ يا عبدي، وهو دون الأولى في الكثرة
3-*قلب الياء ألفا وحذفها والاستغناء عنها بالفتحة نحو ، يا عبدَ
4-*قلبها ألفا وإبقاؤها وقلب الكسرة فتحة نحو، ياعبدا
5-*إثبات الياء محركة بالفتح نحو. ( قل ياعباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة ..)

أو معتلا ؛ حكمه: البناء على الفتح
فإن كان معتلا ؛ فحكمه كحكم ما كان يجري عليه قبل النداء مثل ، يا فتايَ أنت عوني في السراء والضراء، في المقصور،
وفي المنقوص كقول الشاعريصف حديقة :
خذا الزاد يا عينيَّ من حسن زهرها = فما لكما دون الأزاهر من متع
وفي جمع المذكر وشبهه تدغم ياؤه مع ياء المتكلم المبنية على الفتح
يا سابقيَّ إلى الغفران مكرمة = إن الكرام إلى الغفران تستبق
5- المنادى المحلى بأل :
نأتي قبله ب(أي) للمذكر ، و(أية) للمؤنث ، وتكون أي أو أية هي المنادى والمعرف بأل بعدهما هو صفة لأي أو أية مرفوعا على لفظ أيُّ أو أيةُّ ،
نقول: يا أيُّها الرجالُ أو أيُّها الرجلُ ، ويا أيتُّها النساءُ أو أيتُّها المرأةُ ، بذكر أداة النداء أو حذفها.
6- نداء الترخيم : وفيه المنادى المُرّخمَ لايكون إلا مفردا علما ،أو نكرة مقصودة ؛ مثل قول الشاعر :
أفاطمَ مهلا بعض هذا التدلل = وإن كنت قد أزمعت هجرا فأجملي
ومثل قول عنترة :
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها = قيل الفوارس ويك عنترَ أقدم
وقوله :
يا عبلَ لاأخشى الحمام ، وإنما = أخشى على عينيك وقت بكاك
وحكم الإعراب هنا :
إما أن نعتبر المحذوف كأنه موجود وتبقى حركة ما قبله ، ويكون مبنيا على الضم على الحرف المحذوف في محل نصب، وتسمى لغة من ينوي الحذف . لغة من ينتظر ؛ ويقع هذا في المرخم المختوم بتاء التأنيث ، لعدم اللبس ، كما لو كان في ترخيم ( عليَّة )
بحذف التاء منها ، فيلتبس الأمر مع المنادى ( يا عليّ ) للمذكر .
فإذا أمن اللبس ، جازت الطريقة الثانية وهي؛
أن : نراعي الأمر الواقع بعد الحذف : فنقول : أفاطمُ ، وعنترُ ، ياعبلُ
ومثل ( ترخيم ؛ سالِمُ ، مسافر ) فنقول فيهما : يا سالُ ويا مسافُ ؛ ويجوز فيهما استخدام الطريقة الأولى ( لغة من ينوي الحذف أو من ينتظر فنقول : يا سالِ ويا مسافِ ) .
فالمنادى مبني على الضم في محل نصب , لغة من لا ينوي الحذف أو من لاينتظر.

مصادر المحاضرة : حاشية الصبان في النحو
النحو الوافي : للأستاذ عباس حسن
فن الإعراب : الدكتور أحمد عبد الدايم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خدمات رابطة محبي اللغة العربية
تطبيق إعرابي:
1- اللهم إلا كذا !
لفظ الجلالة : منادى مبني على الضم
ويا النداء محذوفة ؛ عوض عنها بالميم في ( اللهم ) والأصل : يا اللهُ .
إلا أداة استثناء وما بعدها منصوب على الاستثناء
والمستثنى منه محذوف والتقدير ؛ كل شيء هين عليّ إلا كذا ؛ فيا الله أعني عليه ، أو اللهم ....
2- ربِ هب لي من لدنك ذرية طيبة. ( الأعضاء )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )