نقد وتحليل لنص أدبي

الفيكس:



نصوص للتحليل النقدي
قصيدة للشاعر محمد الصاوي السيد حسين
افتراضي من سيرة نبتة

 =========
عِنْدِى كانتْ نبتةُ ظِل 
خَضراءُ ولكنْ
خُضْرَتُهَا ذُلّ 
لو مَسَّتْها الشمس ُ
كما تَفْعَلُ فى شجرِ الصَّفصَاف .. 
تصفرُّ النَّبتةُ ، 
تبْصِرُ فى الضُّوءِ الحانى 
شبحَ القَتل 
النَّبتةُ لو صافَحَها المطرُ 
تَئِنُّ ، وتَصْرخُ من مسِّ 
ندى اللَّيل ..
تصرخُ : يُؤلِمُنِى الهَطل 
أغلقُ شيشَ النَّافذةِ أنا دوما 
حتى لا تجرحَها الشَّمسُ ( لاتجرحُها ) مضارع مرفوع بعد لا النافية 
ولا صَخبُ الشَّارع ِ
وأفكِّرُ لى فىِ حَل 
ماذا لو تَنْفَتِحُ النَّافذةُ عليها 
فيقوِّسُ ضوءُ الشَّمسِ الظَّهرَ 
كَمَا قِطِّ أشْقَرَ، ويمُدُّ مَخَالِبَه ُ؟! 
يَنْكَسِرُ العُودُ السَّهْل 
ماذا لو هَذِى النَّبْتَة ُ 
وهى النَّاعِسةُ عَلَى أهدَابِ الغَفْلَة ِ 
مِثْلَ رَذَاذةِ كُحْل
مَاذا لَو يجلِدُها كُرباجُ غُبَار ٍ؟!.. 
مَاذا لو فى مطرِ شتاءٍ تَبتَل ؟! 
و" الفَيْكَسُ " فى الشارعِ كلَّ صَبَاح ٍ 
كان يُعَارِكُه الأولَاد ُ .. 
فَيمِيسُ " الفيْكَسُ " فى فَرَحٍ جَزْل 
والصَّفصَافُ تشدُّ ضَفَائَرَه 
كَفُّ شَقِىٍ فَيُغَرِدَ نَشوَاناً 
الصَّفصَافُ يُبَارِى الأولادَ 
ويرمحُ مَعَهُم كَعَفِىِّ الخَيل 
وأنا عندِى هَذِى النَّبتةُ باركة ٌ
لا يعرفها الطَّيرُ ، 
ولا يدنُو مِنْهَا النَّحل 
خضراءُ ولكنْ 
خضرتُها ذُلّ
اللغويات :
كلمة ( شيش ): لفظة عامية ودلالتها في المعجم العربي
بكسرهما: التَّمْرُ لا يَعْقِدُ نَوًى، وإن أنْوَى، لم يَشْتَدَّ.الشيش والشيشاء
وهي من كلام المولدين، وأَصله التَّهْوِيش وهو التَخْلِيطُ.
وقال الجوهري في ترجمة شيش: التَّشْوِيش التَّخْلِيطُ، وقد تَشَوّش عليه الأَمْرُ. 
كرباج : أعجمية وأصل اللفظة في لسان العرب ( كُرْبُج بمعنى الحانوت ،وأَصله بالفارسية(كربق) قال سيبويه: والجمع كَرابِجةٌ ،وألحقوا به الهاء للعجمة وأكثر هذا الضرب
من الأَعجمي، وربما قالوا كرابِجَ ويقال للحانوت وهو موضع كانت فيه حانوت مورودة
يَرْمَحُ:ضَرَبَ الجندب الحَصَى برجله؛ويقال للثور من الوحش: رامِحٌ ،ورجل رامِحٌ ورَمَّاح: ذو رُمْح مثل لابنٍ وتامِرٍ، ولا فعل له
الفيكس : تزرع كثيرا بالشوارع
وفيكس ديكورا ذات الورقة الكبيرة التى تخرج البراعم حمراء مثل قرون الفلفل وفيكس هواى المبركشة تشبة فيكس نتدا لكن الورقة بها بقع صفراء وفيكس بنجامينا أو(التين البكاء)
.

وفيكس ديكورا ذات الورقة الكبيرة التى تخرج البراعم حمراء مثل قرون الفلفل وفيكس هواى المبركشة تشبة فيكس نتدا لكن الورقة بها بقع صفراء وفيكس بنجامينا أو(التين البكاء)
الأفكار : تدور أفكار الشاعر حول ؛
1- وصف النبتة
2- حبه لها وخوفه عليها
3- هواجس وتصورات لما قد يصيبها
4- مقارنة بين نبتته وزرع الفيكس والصفصاف
الصور والأخيلة :
 تشبيهات ، واستعارات ، وصور كلية
الأحاسيس والمشاعر :
الحب ، والخوف ، والألم ، والإعجاب ، والطموح ، والإذلال
الأسلوب والبناء :
التقديم والتأخير ، والالتفات ، والتخصيص ، والاستفهام ، والتوكيد ،والتجدد والاستمرار ، والبناء التماسكي التدريجي .
الرمزية :
إضفاء الحياة على النبتة التي يرمز بها لأنثى صغيرة ربما نتخيلها طفلته الغضة الجميلة التي يخاف عليها من مس الشمس أو نسمة الهواء فيحبسها عن الحياة .
التحليل النقدي للنص :
1- لغة الشاعر عربية منتقاة بعناية فائقة واضحة الدلالة ، بعيدة عن الغموض والتعقيد ، فيما عدا لجوء الشاعر إلى بعض الكلمات العامية أو الأعجمية مثل ( شيش النافذة ) وقد عرضت لمعنى الكلمة المعجمي ، ولفظة ( كرباج ) غير العربية ويقصد بها السوط
ومن الألفاظ القوية الدلالة ( عَفِيِّ الخيل)،و( الهَطل)بمعنى  تتابع نزول المطرأو الدمع المتفرق واستمراره.و( يميس )يتخايل ويتعاجب مائلا
 وأغفل الشاعر وضع بعض علامات الترقيم كعلامة الاستفهام التعجبية ، والقوسين على الألفاظ العامية والأعجمية .

2- (أ) أفكار النص مرتبة وبسيطة وجاءت سردية ؛ النبتة من نوع نباتات الظل ، خضراء ، ترى بصيص الشمس فيتغير لونها من الخصرة إلى الاصفرار، فيأتيها شبح الذبول ( الموت ) تتألم من زراز المطر ، وتصرخ من ندى الليل المتتابع فتهطل دموعها.
(ب) ثم يبرز مدى إشفاقه وخوفه عليها ، فيغلق النوافذ ليحجب عنها
ضوضاء تتابع هطلان المطر وضوء الشمس الجارح وصخب الشارع،
(ج) وتنتابه الهواجس المخيفة على نبتته القابعة في ذل وضعف
فتراه يفكر في حل لتوقعاته إذا ما خمشتها شعاعات الشمس كمخالب قط أحمر بلون الدم ،أوجلدها سوط الريح فأفزعها من نعاسها الهاديء ، وماذا يفعل لو بلل خضرتها مطر شتاء ينهلّ ؟
(د) ثم يأخذ في المقارنة بين نبتته ونبات الفيكس القوي ذي الأروراق العريضة  الذي يتشاجر معه الأولاد بالشارع في مرح وجزل فيميل ويتبختر ويختال بقوته ،أو كشجر الصفصاف طويل الفروع الذي يهتز غردا بشد الأشقياء لضفائر شعره المنساب على صفحة الماء
كحصان قوي راكض ؛ بينما نبتته( باركةٌ) الباء والراء والكاف أصلٌ واحدٌ، وهو ثَباتُ الشيءِ (ثابتة ) في مكانها ذليلة تحمل طموحاتها الغضة  التي لايعرفها الطير ولا يقترب منها النحل .
الخيال : أبدع الشاعرفي اختيار صوره البلاغية نحو التشبيه في قوله : خُضْرَتُهَا ذُلّ ؛ تصوير الحسي المرئي بالمعنوي المتخيل ، والتشبيه البليغ المقلوب كما في ؛ شبح القتل بتخيل القتل شبحا مخيفا يقترب من النبتة وهو يرمز إلى الذبول والموت ، والتشبيه التمثيلي : في قوله :( فيقوِّسُ ضوءُ الشَّمسِ الظَّهرَ كما قطٍ أشقر ) لتوضيح قسوة أشعة الشمس على النبتة بمخالب قط أحمر يكسر عود النبتة الطري ، و نحو : هَذِى النَّبْتَة ( مشبه )ُ 
وهى النَّاعِسةُ عَلَى أهدَابِ الغَفْلَة ِ 
مِثْلَ رَذَاذةِ كُحْل( مشبه به ) والتشبية البليغ المقلوب في ( كرباج غبار )والتمثيلي في قوله : الصَّفصَافُ يُبَارِى الأولادَ 
ويرمحُ مَعَهُم كَعَفِىِّ الخَيل
ويستخدم الشاعر ظاهرة التشخيص في تصويره الاستعاري عندما يجعل الشمس إنسانا يمس الصفصاف والنبتة فتصفر ، موحيا بقوة الشمس، وفي جعل النبتة مبصرة للضوء الحاني كطفل يرنو إلى الأشياء ويصافحها ليتعرف عليها ،ويميل الشاعر إلى خلق الصور الكلية ذات الدلالات المتشابكة العناصر
فترى وتسمع وتتحرك الأخيلة التصويرية تتعرف على تلك العناصر من خلال الألفاظ الدالة على الصوت مثل ( تصرخ وتئن ) وعلى اللون نحو (خضراء والضوء )وعلى الحركة في مثل الكلمات ( حركة الصفصاف ومصافحة المطر ، وأغلق ..) وهكذا ينساب البيان البلاغي في بقية النص بإبداع خلاق .
العاطفة في النص:
يخلق الجو النفسي مشاعر تتناسق مع أفكاره المتسلسلة في النص والمرتبطة بالنبتة المحبوسة بين عاطفة الحب والإعجاب تراها في اختيار ألفاظ مثل :
اختيار لفظة (نبتة ) للدلالة على الأنثى بدل ( نبات ) وشعوره بلمس الشمس ومصافحة المطر وتفكيره الدائم فيما يحافظ عليها ،وتصويرها كالناعسة كرزازة كحل ،كما يقول المثل الشعبي :( أضعك في عيني وأكتحل عليك )
ثم تأتي عاطفة الخوف والحرص عليها في نحو :غلق النافذة دوما لحمايتها ،وألمه لهطل المطر عليها ، وخوفه من جرح الشمس لها ، وأخطار الشارع والأولاد وانكسار عودها من شقاوتهم ، ثم ينتقل بمشاعره وكأنه يبرز وجدان النبتة الطموح حين تتصور نفسها كالصفصافة والفيكس وسط الحياة وبين تفاعلات النمو واللعب والمرح بدل هذا الإذلال القابعة فيه لايعرفها الطير ولا النحل وتظل نضارتها ذلا يحيط بها .
الأسلوب وبناء القصيدة  :
أحكم الأديب تركيب سطور النص فبدأ بأسلوب التخصيص بتقديم الخبر على المبتدأ في قوله ( عندي كانت نبتة ظل) وكتقديم المفعول على الفاعل في ( يؤلمني الهطل ) وفي ( أفكر لي في حل )
ويستخدم أسلوب التأكيد لجمله ومعانيه حين يقول :(أغلق (شيش)النافذة أنا دوما ؛ فقد أضمر الفاعل بعد الفعل أغلق ثم أبرزه في الضمير أنا ثم زاد التوكيد في لفظة ( دوما ) لبيان مدى خوفه على نبتته .
وأفاد بكثرة لجوئه للأفعال المضارعة تجدد أفكاره واستمرارها مثل ؛ تفعل ، تصفِّر ، تبصر ، تصرخ ، تئن ، يؤلمني ، أغلق ، تجرح ، أفكر ، تنفتح ...إلخ
واستعان في إبراز هواجسه بأسلوب الاستفهام التعجبي مثل ؛ ماذا لو تَنْفَتِحُ النَّافذةُ عليها؟! ، مَاذا لَو يجلِدُها كُرباجُ غُبَار ٍ؟!، مَاذا لو فى مطرِ شتاءٍ تَبتَل ؟!كما أبدع في استخدام ظاهرة الالتفات من الغيبة إلى التكلم في تنقل سلس
في سطورة الشعرية للنص نحو : لو مستها الشمس ( غيبة ) إلى قوله ؛أغلق وأفكر ( تكلم ).....إلخ
مراجعة لغوية في أخطاء الضبط : حتى لم تنصب ( تجرحُها ) بل جعلت الجملة المنفية المبدوءة بلا النافية في محل نصب .فالفعل مرفوع بعلامة الضمة الظاهرة.
تعليق ختامي :
هذه القصيدة التي تحكي سيرة نبتة خضراء رمزية تحمل العديد من الدلالات للخواطر المحبوسة التي لاترى النور ، بينما تمتليء باستشراف التفاعل مع الحياة
وتحمل محاولة بعض الناس خوفهم على ما يملكون فيقمعون طموحاتهم المشروعة ، فيصبح الحرص الظاهري ذلا للآخرين ، فهم يضرون بينما يعتقدون أنهم يفيدون بخلاف الواقع ، فكم يتمنى الطير حريته ولو أطعمته أشهى الأطعمة ، فيعاف الأكل والشرب حتى يحقق آماله 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )