17- واقترب رحيل الضيف الكريم

بدأت أيام استعداد الضيف الكريم للرحيل ، أخذ يجمع مناقبه ، وهداياه الباقية التي ادخر أفضلها ليمنحها مضيفه الذي أحسن استقباله وضيافته منذ هلَّ هلاله ، ونزل ساحته
كان الضيف قد أعدَّ حقائب النفحات ، ورتبها ووضع عليها مواعيد فتحها ، وتقديمها للمزور أو المَضِيف الذي يستحقها ، فجعل في الحقيبة الأولى ؛ الأمن وتقييد كل الشياطين المخيفة رمزا لوقف الشرور ، ومع وثيقة منح الرحمة والفرحة والخير بالتواصل بعد الخصام وتلاوة القرآن ، والعطف على الفقراء ودعائهم لحضور الإفطار مع الضيف الكريم.
ثم جعل الهدية الثانية لمن استمع لتوصيات الضيف في بدء أيام إقامته العشرة الأولى ، فملأها بغفران الله تعالى ووعده الحق والصدق بجزاء من يحسن أمام هذا الضيف المرسل من قبله تعالى ويلتزم بنصائحه وتعليماته فيتسامح مع الناس ويتصالح معهم ويصبر على إتيان الأوامر ويصبر عن فعل المنهيات مدة إقامة الضيف الكريم ويفد إلى بيوت الله للصلوات والتراويح وفعل الخيرات كما كان في أول مجيء الضيف دون تراخٍ أو تهاون أو ملل أو خداع أو نفاق فله وثيقة المغفرة والرضوان من الله تعالى 
واليوم مع بداية أيام الرحيل وقرب انتهاء إقامة الضيف المحددة بالشهر الكريم يفتح الحقيبة الثالثة من نفحات هداياه الطيبة قبيل وداعه لأحبابه الذين أحبوه محبة في الله الذي بعثه إليهم بكل هذه المنح والعطايا الربانية رأى من مضيفيه المخلصين التعود على الطاعة والمثابرة في العبادة والعمل والإقبال على مولاهم فقد بذلوا من أموالهم في سبيل الله ومن أوقاتهم في طاعته ، ومن استماعهم لنصائح ضيفه الكريم  وتنفيذها عملا وسلوكا غير حياتهم إلى ما يرضي الله  يفتحها ويعطيهم ما في هذه الحقيبة من نفحات البشرى الغالية وهي وثيقة العتق من النار يوم القيامة  جزاء على  حسن استضافتهم  لضيفهم الراحل ، وأخذ يدعو لهم ويناديهم ، أن اعتكفوا في الأيام القليلة الباقية من إقامتي معكم في بيوت الله طائعين مخلصين لتزدادوا قربا من صاحب المنح والهدايا التي جئتكم بها من عنده ، شدوا المئذر واجتهدوا في التهجد والتلاوة والدعاء عسى أن يتقبل الله منكم طاعتكم في عبادة الصيام والصلاة وصالح الأعمال التي ترضيه عنكم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانتظروا أكبر هدية تبقت لكم معي أخفاها الله عن عباده حتى لا تفتر همتهم طوال بقائي معهم لما لها من فضل وثواب عليهم ألا وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر التي لو رزقها العبد فقد رزق خيرا كثيرا في دنياه وآخرته فإن الله يستجيب له في كل ما يطلبه  فيها، فطهروا أنفسكم وزكوها من هفوات قد حدثت منكم في أيام شهركم بإخراج زكاة الفطر  قبل رحيلي عنكم ، واختموا تلاوة كتاب ربكم ( القرآن الكريم ) وداوموا على قراءته بعد رحيلي عنكم واعملوا بما فيه تسعدوا 
ثم استقبلوا عيدكم الأول عقب مغادرتي ساحتكم لتقبضوا فيه جوائزكم  على طاعتكم لله تعالى وانتظروا قدومي في عامكم القادم وأنتم أسعد حالا وأهنأ بالا وأشد قربا وشوقا للقائي بنفحات ربكم التي لاتنفذ من خزائنه الملأى بكنوز الرحمة والمغفرة والعتق من النيران .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )