يوميات مدون عجوز


عام جديد 2012
الأحد أول يناير
استيقظت مبكرا في الثامنة صباحا ، وكنت قد صليت الفجر عقب سهرة طويلة مع رأس السنة الجديد ، واحتفالات الجماهير في ميدان التحرير مع الإخوة المسيحيين بعيد الميلاد المجيد في مليونية رائعة للوحدة الوطنية بين أبناء الشعب المصري
هدأت أوضاع الثورة قليلا ، وبدأت تباشير تحقيق نجاحات ثورة 25 يناير 2011 بانتهاء المرحلتين الأولى والثانية من انتخابات البرلمان المصري في سلام وعدالة وبلا تزوير أو تدخلات أمنية وتحت إشراف قضائي كامل
توجهت كالمعتاد لفتح صيدلية ابني د. أحمد بالمعمورة ، وكانت العاملة ( إسراء ) تنتظرني وعاونتني في فتح الأبواب ثم أخذت تمارس نشاطها في نظافة الصيدلية ومسح الأرضية وأمام الباب
وقمت بري الزرع ، وفي العاشرة حضر الدكتور الجديد ( محمد إسماعيل ) ليصرف الدواء للعملاء ، وتعرفت عليه ، وأعطيته توجيهات العمل مع الزبائن
حادثت د. أحمد في الحادية عشرة للاطمئنان عليه وعلى زوجته
وابنه المولود محمد وهناته بالعام الجديد وبمناسبة عقد قرانه
ثم نبهت العاملة على ضرورة التعاون مع الدكتور محمد وسماع
كلامه ، وتركتهما وعدت لأجد زوجتي تطلب مني إصلاح الكهرباء المنقطعة بسبب تشغيل تسخين الغسالة ، وتم إصلاحها وصليت العصر ثم تناولنا الغداء
استرحت لمدة قليلة ، ثم أيقظتني زوجتي للتوجه لفتح الصيدلية الجديدة إلى أن حضر الدكتور أسامة وبقيت معه حتى الساعة التاسعة مساء ، وكلمت أحمد بصيدلية المعمورة كي يتابع الدكتور
أسامة ويأتي بعد غلق صيدلية المعمورة ليستلم منه الصيدلية .
موقف غريب 
استأجر صيدلية ، وتوافقا على شروط عقد الإيجار ، وأثبتت فيه محتويات الصيدلية ، ثم بذل في تهيئته للافتتاح مجهودا كبيرا من إضافات وتحسينات وفرش أدوية
وفوجئ في اليوم والصيدلية كعروس ليلة زفافها بالمؤجرة تدخل الصيدلية دون استئذان وهي تصور كل شيء رافضة أن تثبت على العقد ما استحدثه من أشياء تخصه ، فطلب منها أن تخرج من الصيدلية فبينهما عقد إيجار موثق !!

السبت 18 فبراير 2012
لم تتحقق رغبتي التي كنت أحلم بها عندما اشتد البرد وارتعشت أطرافي رغم ما ألبسه من ملابس صوفية كأنها ملابس أهل القطب الشمالي المتجمد ، وحاولت أن أبدو نشيطا وقادرا على تحقيق أمنيتي ، لكن دون جدوى .كان عليَّ أن أتوجه إلى مخدعي وأتدثر ببطانيتين سميكتين من الصوف الخالص ، وقد فرشت على السرير بطانية أخرى لأنام عليها.وصل إلى سمعي صفير ريح أمشير العاتية وتهديد النافذة بما يمكن أن يحدث لو خرجت من الشقة غاضبا ؛ أن يسقط فوق رأسي شهاب من الرعد القاصف المنذر بليلة شاتية قاسية.أغمضت عيني وأنا متكور بالغطاء ولم أتخلص من حلم رغبتي الممتنعة عليَّ ، فاكتفيت بتذكر أيام شبابي الخوالي ، وكيف كنت مطلوبا لتحقيقها للآخرين ؛ لنسعد معا بلذة ومتعة تريح النفس والجسد . وعلى ليلة من ليالي الأمل في نبت طيب رحت في نوم لذيذ على حضن حفيدي الجميل وهو يهمس ( بابا ) ( ماما )

19 فبراير 2012
أمشير شهر قبطي بارد يأتي متقلب النوات ، مرة تهب فيه ريح تقتلع الأشجار ، ومرة أخرى تهطل فيه الأمطار ، وثالثة تسطع فيه الشمس وسط النهار 
ومع ذلك لايمنعني من حبي لممارسة رياضة المشي يوميا في الصباح الباكر تنشيطا للدورة الدموية التي تحرك في القوة والطاقة ، فأبدو في حالة صحية ونفسية طيبة 
  تعودت أن أقطع عدة كيلومترات كل صباح في مشية رياضية منضبطة حتى أركب السيارة العامة التي توصلني إلى صيدلية ابني لمباشرة عملي فيها 
أنا اليوم سعيد بهذه الحركة التي بعثت في روح الشباب وأبعدت عني آلام الظهر والعظام التي شكوت منها بعد أن تجاوزت الستين من العمر 
لكني حفيدي الجديد محمد أحمد يجعلني أتحمل هذه المهمة المؤقتة التي يطلبها مني ابني لمساعدته في الإشراف على العمالة بصيدليتيه في المعمورة والسيوف
حتى يكبر هذا الحفيد الجميل الذي يحمل كثيرا من ملامحي كما تقول أمه ووالده
دعواتي له بأن يحفظه الله ويكبر لألاعبه وأفرح به ، ودعائي لأبيه أن يرزقه الله بالرزق الطيب وأن يجعله سعيدا هو وأخاه إسلام وأولادهما
ودعائي لمصر المحروسة بأن يولي عليها من يصلح أحوال البلاد والعباد، ويحقق فيها الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية والحرية وكرامة الإنسان 
اللهم آمين

اليوم الثلاثاء 28 فبراير 2012
صفير الرياح خارج النافذة يحذر من يفكر بالنزول إلى الشارع !!
ومع ذلك أصررت على تحدي الجو ، وارتديت ملابسي وخرجت
كان الغبار ودوامات الهواء ودفع الرياح شديدة السرعة تكاد توجه خطواتي أينما شاءت ، وتحيطني بهالة من الأتربة
تبحث عن مكان تصل منه إلى عيني لتفقدهما الرؤية تماما عن اتجاه طريق سيري إلى العمل
لكني كنت أحفظ اتجاه الطريق حتى ولو كانت عيناي مغمضتين فسرت رغما عن سوء الأحوال الجوية ، ووصلت بأمان وخير
هكذا ينبغي أن تكون العزيمة والإرادة وحب العمل ، شعرت بنشاط كبير وأشعة الشمس تتسلل إلى الشارع فتشتتها الرياح والأتربة ، لكنها مصممة على النفاذ إلى كل مكان لتبعث فيه الحياة والسعي ، فهاهي الطيور تغدو لإطعام صغارها والبحث عن غذائها ، وها هي حركة السيارات والقطارات تسير وإن قل عدد ركابها عن المعتاد
اليوم إجازة العاملة المخصصة للصيدلية ، قمت بتنظيف التراب الذي ملأ المكان ، ورص الأدوية في أماكنها واستقبال الزبائن
واتصلت بأحمد لأسأله عن اسم دواء للترجيع طلبته إحدى المريضات ولم أهتد إلى موضعه ، فدلني عليه ، بينما كانت السيدة
قد خشيت من ازدياد الرياح والغبار فقالت سوف أعود بعد فترة عندما توفر الصنف ولا أريد بديلا عنه
سألتها عن السبب قالت لأنه رخيص واتعودنا عليه ، بكم يا أختي قالت : بجنيهين ونصف الشريط .
حاضر سأحاول العثور عليه وأنت راجعة من السوق مري عليّ وستجدينه إن شاء الله
أذكر أن أحمد نبهني إلى ضرورة الاتصال بالدكتور محمد لإيقاظه من النوم ليحضر في موعده لأنه تأخر في غلق الصيدلية مساء أمس وكنت معه وأوصلته في الساعة الثانية بعد منتصف الليل .
مكثت فترة طويلة وأنا أنتظر دخول أي زبون للصيدلية ، لكن يبدو أن الحالة نائمة كما الناس في البيوت
فتحت التلفاز وجلست أستمع إلى برنامج القاهرة اليوم لأني لا أشاهده عندنا في البيت حيث إن قناة ART مشفرة ولا تظهر إلا باشتراك على الوصلة ، وبالطبع ليس عندنا وصلة بل بث مباشر عن طريق ( الريسيفر الخاص )
وكانت فقرات برنامجه مليئة بالأخبار والصور والفيديوهات والاتصالات ، استمعت إلى اتصال مع عمرو موسى ومع مصطفى بكري ومع مدير الأمن الذي أخرج أدوية الأجنة من مطار القاهرة لانقاذ المواليد بالمستشفيات لحجزها باعتصام عمال المطار والمخازن عن العمل لتحسين رواتبهم وأوضاعهم . وتحدث عمرو موسى عن الانتهاكات والتهديدات التي حدثت أثناء عقده لمؤتمر التواصل في شرح برنامجه للترشيح لانتخابات رئيس الجمهورية ، وتحدث مصطفى بكري عن شرح الفرق بين العميل والخائن في وصفه للدكتور محمد البرادعي في مجلس الشعب واستمعت إلى دفاع الشيخ محمد حسان عن نفسه
في الاتهام الموجه له أنه كان مع الشرطة يوم موقعة الجمل يوم 28 فبراير 2011 ، وكان يقول إنني كنت مع الشباب وطالبتهم بالصبر  والثبات فإنهم منتصرون بإذن الله لتعيش بلدنا عزيزة كريمة .
وهذا هو اليوم الثاني من نوة البرد القارص الأربعاء 29 فبراير آخر الشهر الموصوف في البيع والشراء بأنه ( شهر فقراير)
خط المبيعات هابط جدا ، ومع هطول المطر قاومت الرغبة في البقاء في السرير وخرجت متسلحا بأثقل الملابس الصوفية عندي
ومن أمام باب العمارة استوقفت تاكسي وبسرعة اختفيت فيه ليوصلني إلى الصيدلية في التاسعة والربع وأبواب السماء مفتوحة لا تتوقف السيول وقد امتلأت الأرض بالمياه ، وبصعوبة بالغة فتحت الأبواب الحديد و الصاج للصيدلية فنحن في هذه الأيام ندعو الله أن يجنبنا الانفلات الأمني والسرقات التي نسمع عنها يوميا في كل مكان من الجمهورية .
وحضرت ( إسراء ) بعد إجازتها بالأمس تقوم بعملها في تنظيف الأتربة التي تراكمت ، ورص طلبية صغيرة بحجم سحب المبيعات أمس وما قبله ، ولسوء الأحوال الجوية كانت وصلة الدش مقطوعة ، فقطت الوقت في تلاوة القرآن الكريم حتى أذان الظهر ، وبعد أن أديت الصلاة جلست أسجل هذه اليوميات التاريخية .

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )