نشأة البديع في اللغة العربية

تكاتفت جهود العلماء قبل ابن أبي الإصبع في فن البديع اللغوي
فقد وُجد في الأدب العربي القديم أساليب التدريج والتنميق والتزيين عند الشعراء ؛ من أمثال زهير والنابغة بسليقته العربية الأصيلة 
غير المتكلفة دون علم بالمصطلحات البلاغية الحديثة في علم البديع 
وظل الحال كذلك حتى سقوط الدولة الأموية ثم اختلط العرب بالفرس وامتزجت الثقافتين العربية والفارسية ونشأت الحزبية وأدت إلى  اجتهاد الشعراء للإتيان بالرائع من الألوان البديعية المختلفة
ثم تطورت وازدادت تلك الألوان البديعية بمرور الزمن لكثرة عطاء الخلفاء وانتشار الحزبية وطبيعة العربي البلاغية 
وفي القرن الثاني والثالث الهجريين انقسم الشعراء قسمين :
* قسم المحافظين على القديم 
* وقسم المجددين المبتدعين في ألوان البديع البلاغي
وقد اختلف النقاد فيمن هو إمام أهل البديع في العرب ؛ فقيل إنه بشار ، وقيل أبو مسلم الخراساني ، وقيل : أبو تمام الشاعر 
وفي الحقيقة أن البديع كان متناثرا غير محدود ولا مسمى بأسمائه المعروفة أو غيرها بل كان صورة جميلة مزينة بلغة بديعة
وعندما جاء الخليل بن أحمد سنة 170 هجرية تكلم عن معنى المطابقة ونقلها عنه ابن رشيق ، وتعريف الخليل للمطابقة قريب من تعريف علماء البلاغة لها بعد ذلك ، كما عرَّفَ التجنيس ونقله عنه الحاتمي وابن رشيق 
ثم جاء بعد الخليل ( سيبويه ) سنة 180 هجرية وتكلم عن التشبيه والمجاز زلم يعرف التشبيه ، وتكلم عن الإيجاز ولم يتوسع فيه ولم يعرف ماجاء به
ثم جاء بعد الخليل وسيبويه ( أبوعبيدة ) سنة 209 هجرية  وتكلم عن الكناية والرجوع والالتفات 
والأصمعي سنة 216 هجرية تكلم عن المطابقة وهو يخالف تعريف الخليل لها وتكلم عن معنى الالتفات وهو الانتقال من ضمير إلى غيره فمن المتكلم إلى الغائب إلى المخاطب وهكذا وهو مسبوق إليه من أبي عبيدة
أما الجاحظ حين جاء سنة 255 هجرية وتكلم عن حسن الابتداء وحسن المقطع والخاتمة والتشبيه وجاء تعريفه غير جامع ولا مانع فيدخل فيه المجاز ، لكن حديثه عن الاستعارة والسجع والكناية والاذدواج والايجاز كان فيه الجديد في على البلاغة ، ولقد جدد بعض الاستشهادات والتقسيمات وكان يقصد الكشف عن صفات الكلام وبلاغته لا تحديد الألوان البلاغية وتقنينها وإنما يقصد صفات المتكلم وبلاغته ، كما ذكر الاحتراس وحسن التقسيم ، وجعل آلة البلاغة أنه ( لكل مقام مقال ) وتحدث عن المساواة والإطناب )
هؤلاء العلماء والشعراء والنقاد لم يجمعوا ما جاء في علم البلاغة الحديث ببيانه وبديعه من أبواب وفنون
ولم يخصصوا فصولا معينة لهذه الألوان البديعية 
بل كان الكلام منهم يأتي عرضا لأراء وأفكار أدبية سريعة ينقصها العمق والتوجيه والتقنين الدقيق
وسوف نتكلم في موضوع قادم إن شاء الله عن عصر التأليف في علم البديع العربي 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )