بيت ومعنى وإعراب (1)

أحيانا يكون بيت الشعر ( جيد المعنى ، وعميق الهدف )
لكنه يكون غامض اللفظ ، على القارىء العادي 
يحتاج لتوضيح وشرح وتفصيل لبيان معناه وهدفه
كما يغيب عن بعض المتخصصين إعراب تركيب الكلمات 
ومن هنا سأحاول طرح ( مثل هذه الأبيات الأدبية من تراث الشعر العربي )
وأقدم شرحا مبسطا لمعناها 
وإعرابا موجزا لكلماتها 
لعل في ذلك فائدة للمتلقي الكريم 
ولنبدأ الآن :
1- قال الشاعر :
وَيْلُمِّهــــــا خُطةً وَيْلُمِّ قا بلهــــا =  لِمِثْلِهــا خُلِقَ  المُهْْرِيَّةُ القُوَدُ

ومعنى البيت :
ما أعجبها حالا ، وما أعجبَ مَنْ يقْبَلُهــــا ، وإنما خلقَتْ الإبلُ السريعة للفرار من مثْلِها 
ولفظة : المهرية : منسوبة إلى مُهْرَة بن حيدان وهو أبو قبيلة تنسب الإبل السريعة إليه وإلى قبيلته
ولفظة : القُوَدُ ؛ معناها ذات الظهور الطوال ، وهي جمع للمفرد أقود وقوداء 

والإعراب :
وَيْل : كلمة تعجب أصلها ( ويل لأمها ) ثم حذفت الهمزة للتخفيف ، وكسِرَتْ اللام على الأصل ، وضمت على حذف حركتها 
وإلهاء حركة الهمزة عليها والهاء مضاف إليه مبني في محل جر 
خطةً : تمييز منصوب بعدها 
ويلم : مثل الإعراب السابق للتأكيد على شدة العجب
قابلها : مضاف إليه مجرور على اللام والهاء مضاف إليه 
لمثلها : شبه جملة من جار ومجرور متعلق بخطةً لا محل لها من الإعراب
خلقَ : فعل ماضٍ مبني للمجهول 
المهريةُ : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة 
القودُ : صفة أو نعت مرفوع لكمة ( المهرية ) قبلها 

============================================
من :

  • الكتاب: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب
    المؤلف: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين، ابن هشام (المتوفى: 761هـ)
    المحقق: د. مازن المبارك / محمد علي حمد الله
    الناشر: دار الفكر - دمشق
    الطبعة: السادسة، 1985
    عدد الأجزاء: 1
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
2- قال الشاعر :
( إِنَّ هِنْدُ المليحةُ الْحَسْنَاءُ = وَأيَ من أضمرتْ لخلٍّ وَفَاءُ )

قد تقع الْهمزَة فعلا ؛ وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ وَأْىَ بِمَعْنى وَعْد ومضارعه يئي بِحَذْف الْوَاو لوقوعها بَين يَاء مَفْتُوحَة وكسرة
كَمَا تَقول وَفِي يَفِي وونى يني وَالْأَمر مِنْهُ إه بِحَذْف اللَّام لِلْأَمْرِ وبالهاء للسكت فِي الْوَقْف ؛
وعَلى ذَلِك يتَخَرَّج اللغز الْمَشْهُور في البيت السابق رقم (2)
والمعنى :
يطالب الشاعر ( هندَ ) بقوله :
عِدِي ( أوعدي ) يا هند الموصوفة بالملاحة والجمال والحسن خليلَك وحبيبَكِ وعدًا مؤكدا بالوصل وعدم الهجر ، كما تفعل
أمثالك من الكريمات بأن تضمر أو تخفي الوفاء بالوعد خجلا وحياء من خليلها الذي تعشقه وتحبه 

الإعراب :
قدْ يُقَال : هذا لغز إعرابي ؛ فكَيفَ رفع اسْم إِنَّ وَصفته الأولى ؟! والمعروف أنَّ ( إنَّ ) تنصب المبتدأ وترفع الخبر ؟
وَالْجَوَاب:
أَنَّ ( الْهمزَة ) فعل أَمر ، وَالنُّون بعدها للتوكيد وَالْأَصْل إينَّ بِهَمْزَة مَكْسُورَة وياء سَاكِنة للمخاطبة وَنون مُشَدّدَة 
للتوكيد ثمَّ حذفت الْيَاء لالتقائها سَاكِنة مَعَ النُّون المدغمة
كَمَا فِي قَوْل الشاعر :
(لتقرعَنَّ عَليّ السِّنَ من نَدمٍ = إِذا تذكرتَ يَوْمًا بعضَ أخلاقي)أي لتندمن أشد الندم وآكدهُ بالعض على أسنانك غيظا ؛
عندما تتذكر وتعرف ذات يوم إنني عاملتك ببعض ما أتصف به من أخلاق حميدة ، وأنت لا تستحقها .
وَهِنْدُ منادى مثل {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} 

والمليحةُ نعت لَهَا على اللَّفْظ بالرفع مثل قول القائل للحكم بن مروان نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي (يَا حكمُ الْوَارِثُ عَن عبد الْملك ... )والحسناءُ إِمَّا نعتٌ لَهَا على الْموضع ،
كَقَوْل مادح عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:
(يعود الْفضل مِنْك على قُرَيْش ... وتفرج عَنْهُم الكرب الشدادا)(فَمَا كَعْب بن مامة وَابْن سعدى ... بأجود مِنْك يَا عمرُ الجوادَا)
وَإِمَّا بِتَقْدِير أمدحُ وَإِمَّا نعتٌ لمفعولٍ بِهِ مَحْذُوف أَي عِدِي يَا هِنْدُ الْمليحَةُ الْحَسْنَاءُ
وعَلى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلين فَيكون إِنَّمَا أمرهَا بإيقاع الْوَعْد الوفي من غير أَن يعين لَهَا الْمَوْعُود 
وَقَوله : ( وَأيَ ) مصدرٌ نَوْعي مَنْصُوب بِفعل الْأَمر
وَالْأَصْلُ ( وأيًا ) مثل ( وَأيَ مَنْ ) 
وَمثله {فأخذناهم أَخذ عَزِيز مقتدر}
وَقَوله: ( أضمرت ) 
فعل ماض وفاعله الضمير المستتر فيه بتاء التَّأْنِيث مَحْمُول على معنى ( مَنْ ) وهي هند
مثل : مَنْ كَانَت أمك.
لخلٍّ : جار ومجرور شبه جملة في محل رفع خبر مقدم والمبتدأ بعده ( وفاءُ )
والجملة الاسمية بعد ( أضمرت ) كلها في محل نصب مفعول به

3- يقول الشاعر :
 فإن الداءَ أكثرَ ما تراه = يكون من الطعام أو الشراب
بمناسبة عيد الأضحى المبارك 1436 هجرية 2015 ميلادية

الشرح : بمناسبة نهم وشراهة البعض في الإقبال في 

المناسبات بخاصة الدينية ، والمفروض أن يكون جانب العبادة 


هو الأبرز والأهم 


يعطف الشاعر البيت على ماقبله بحرف العطف (الواو ) ثم يتبعه 

بالإشارة إلى أن 

تفشي الأدواء يأتي فيما يشاهده العقلاء من وراء التخمة وكثرة 


الأكل و الشرب 

خصوصا في هذه الأيام ( عيد الأضحى المبارك ) أعاده الله على 


المسلمين جميعا بالصحة والسعادة 

الإعراب : إنَّ : حرف توكيد ونصب ، والداء : اسمها منصوب 

بالفتحة ، أكثرُ : حال 

منصوب بفتحة واحدة لأنه ممنوع من الصرف ، ما : اسم 


موصول بمعنى الذي مبني 

في محل جر بالإضافة لأكثر النكرة قبله ، وتراه : جملة الصلة 


لامحل لها من الإعراب 

فيها الفاعل مستتر ( ضمير أنت ، وفيها الهاء المفعول الأول 

للفعل المتعدي ترى ) ، 

ثم تأتي جملة : يكون من الطعام أو الشراب لتقع خبرا لإن في 


أول البيت في محل رفع ، 

بعد أن نعرف أن اسم يكون ضمير مستتر يعود على الداء ، 

وشبه 

الجملة ( من الطعام ) 

والمعطوف عليها ( أو الشراب ) يمثل خبر الناسخ ( يكون ) 

في محل نصب 


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )