المشاركات

الذنوب ، والتوبة منها

المعاصي التي عمت البشرية في هذا الزمان ، وكثرت حتى لم ينج منها أحد عرفها ابن تيمية بأنها : ترك شرع الله ، وعرفها آخرون بأنها : فعل المحظورات ، وترك المأمورات. وتنقسم المعاصي إلى كبائر ، وصغائر ومن الكبائر ؛ الشرك بالله وهو أولها وأخطرها ، ولا تقبل من صاحبه توبة ، إلا إذا رجع إلى الحق وآب إلى الطاعة والتوحيد وترك الشرك والنية على عدم العودة إليه أبدا. قال تعالى :( إن الله لايغفر أن يشرك به ، ويغفر لما دون ذلك لمن يشاء ) ومن الكبائر عقوق الوالدين ، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم والربا . وأما الصغائر فهي ما سماه العلماء بالذنوب والآثام والخطايا والسيئات والهفوات وهي ما دون الكبائر في المعصية . وتنقسم الذنوب إلى أربعة أقسام : ذنوب ملكية وذنوب شيطانية وذنوب سبعية وذنوب بهيمية  وإذا أردنا أن نضرب أمثلة عن كل نوع من هذه الذنوب ؛ فإن أولها من ينازع الله سبحانه وتعالى في صفة من صفاته التي  انفرد بها ، كالكبرياء والعظمة والتعالي والجبروت ، فقد نرى من البشر من يجعل أنفه في السماء ويرى البشر حشرات لا قيمة لهم في نظره ، يحتقرهم ويتكبر عليهم كفرعون الذي كان يقول أنا ربكم الأ

من ذكريات الصبا والشباب

صورة
ذكريات الصبا والشباب في إحدى الإجازات الصيفية وكنت في سن الخامسة عشرة وكان الوقت شتاء والمطر يملأ الطرقات في قريتنا بالوحل ولا يوجد لدينا كهرباء في البيوت وكنا نستضيء بلمبات الغاز لنذاكر دروسنا المدرسية وننجز ما كلفنا به من واجبات منزلية حتى يخفت ضوء مصباح الغاز وفي إحدى الليالي حضر عندنا ابن عمي ( عيد ) مصطفى وكنت قد انتهيت من واجبي , وجلسنا نتسامر , وكان عندي ( شطرنج ) وأهوى اللعب به وقلت لمصطفى : هيا نلعب الشطرنج فقال : أنا لاأعرف تلك اللعبة فقلت له تعال أعلمك إياها فهي لعبة ذكاء وتفكير وفعلا سهرنا تلك الليلة نلعب معا حتى أتقنها وتعلمها مني وأحبها .وكان يأتي بعدها ويلعب الشطرنج حتى يغلبني في بعض الأدوار . وبعد أن دخلت الجامعة في السنة الأولى بكلية دار العلوم . طلب مني أبي أن أخطب الجمعة بمسجد قريتنا لغياب الشيخ مصطفى خطيب المسجد في هذا اليوم ومكثت طوال الليلة أذاكر في الخطبة التي سأخطبها لأول مرة على منبر المسجد أمام كبار رجال القرية وشبابها وحضر جميع أصحابي وأقاربي من الشياب ليحضروا تلك الخطبة وكان منهم مصطفى ابن عمي محمود ( عيد ) وكانت الخطبة بعنوان صلة الأرحام من

دروس من الهجرة 1432

تعلمت من الهجرة النبوية  الشريفة : حسن التخطيط لنجاح الهدف. فقلد كان اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم ، لغار ثور في الاتجاه المخالف لتوقع أعدائه الكفار أن يتجه إلى المدينة المنورة  فراحوا يجدون في اللحاق به على طرقها . لكنه خطط وأجاد التخطيط في رحلة الهجرة الناجحة . وتعلمت من دروس الهجرة الشريفة: الثقة واليقين بنصر الله وأمنه من كل خوف يلحق بالإنسان . ذلك من اليقين الذي بثه المصطفى صلى الله عليه وسلم في نفس صاحبه أبي بكر وهما في الغار ، حين قال له : يا رسول الله ، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ، فأجابه : يا أبا بكر ما بالك باثنين الله ثالثهما ؟، لا تحزن إن الله معنا .وكذلك حين كاد سراقة اللحاق بركب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فساخت قدما فرسه في الصخر ، وأيقن أن الله يحمي نبيه صلى الله عليه وسلم . وتعلمت من دروس الهجرة النبوية الشريفة أيضا : أن الرزق يكفله الله للناس من حيث لايحتسبون  وأن رزقك وطعامك سوف يأتيك مهما ضاقت بك السبل لتحصيله ، فلن يتخلى الله عن رزق خلقه ، مؤمنهم وكافرهم ، ولن يحصل على رزقك سواك ، ولن تأخذ رزق غيرك الذي قدره الله له ، فعندما مر محمد صلى الله عليه وسلم ومعه ر

أولويات

من أولويات مطالب الإنسان أن يجد مأكله  ومشربه  وملبسه ومسكنه وفي المأكل يكفي ما يقيم أود الإنسان من الطعام الصحي الحلال المناسب لنموه وقيامه بمهامه الدينية والدنيوية ، والأكل الزائد عن حاجة الجسم لا يستفيد به صاحبه بل قد يضره أحيانا فيصاب بالتخمة والسمنة وعدم الحركة ، فتنخفض قدراته وطاقاته لأداء عبادته وعمله . ويستطيع المرء أن يصوم عن الطعام فترة معينة ن وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( نحن قوم لانأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لانشبع) وإذا أكل الإنسان ( فليجعل ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسِه) ويحتاج الجسم أيضا إلى الشرب لأن المرء قد يصبر عن تناول الطعام فترة أكثر مما يصبر عن شرب الماء ، ويبنغي أن لايشرب وهو يأكل ، فإما يشرب قبل تناول الطعام أو بعده بفترة حتى لايضره الشراب .  والشرب والأكل هما قوام حياة جسم الإنسان  ويلي ذلك من الأولويات ضرورة الملبس ليقي نفسه من حر الصيف وبرد الشتاء ، ويستر عورته ، ويجب أن تكون الثياب نظيفة طاهرة  حتى يؤدي بها عبادة ربه وهو في صورة تجعل صلاته وعبادته مقبولة من الله تعالى . ويجب أن تكون بسيطة ليس فيها مبالغة للرياء والمظهر ، حتى وإن كان غنيا فلا ي

شكوك

إذا أحسنت الظن بالناس فكن على حذر ويقظة من الغدر والخيانة والتنكر لما وثقت فيه بما تراه من جحود ونكران للحقوق وإدعاءات بالباطل أن ما قلته أو عملته لم يحدث ، أو ما أمنته على أمانة قد ردها إليك وفي الحقيقة أنه ضيعها أو أكلها ولم يعترف بأخذها منك . فبقدر ما تحسن الظن بالآخرين ، ليكن عندك قدر من الشك واتخاذ الحيطة حتى لاتقع في شبكة التحايل والخداع ، ويأتيك رسول الندم المحطم هل يمكن أن تترك مفتاح شقتك على ما فيها من شقاء عمرك  ومستقبل بقية حياتك لشخص لا تعرفه لمجرد أنك تحسن الظن بالناس ؟!!! تتركه ليصلح لك باب الشقة التي ستكون بيتك الذي يضمك مع زوجتك ، وهذا الشخص الغريب سيعطي المفتاح لآخر لاتعرفه أيضا هو الذي سيقوم بالإصلاح المطلوب دون أن تكون معه أنت أو أحد تعرفه ؟!! وكل حيلتك أن الدنيا بخير وأمان وعلينا أن نحسن الظن بأي إنسان !! لست معك في هذا التفكير ؛ أنا أحسن الظن بالله أنه يحفظنا ويرعانا ويرزقنا ، ويعدل مع الأمين والخائن بالحساب الدقيق على الخير والشر ولكني أذكرك أن المؤمن عليه أن يكون كيسا فطنا ، يستعمل عقله الذي وهبه الله له ليفكر فيما ينفعه ويضره من وراء تصرفاته . ليس التوك

لماذا نستخدم الأمر في كلامنا ؟!!

كما تحدثنا عن سبب استخدامنا لأسلوب الاستفهام ، وأغراضه البلاغية في المقال السابق. نتكلم اليوم عن أسباب استخدامنا لاسلوب الأمر ، وما أغراضه البلاغية .؟! هناك الأمر المباشر الحقيقي نطلب فيه الإجابة عن أمر نقصده من المخاطب ، نحو : قلْ الحق . ويا أيها القائدان قودا شعبيكما إلى الإصلاح والتغيير  ، وأنتم ياجماهير الشعب أعطوا أصواتكم لمن يستحقها . وهكذا تخاطب بفعل الأمر المفرد ، والمثنى ، والجمع . بغرض الحقيقة المطلوبة في الأمر . ويخرج الأمر عن معناه الحقيقي ليؤدي أغراضا متنوعة تختلف من أسلوب إلى آخر حسب مقتضى الحال في البلاغة 1- فنحن نستخدم الأمر للدعاء : ويعرف الغرض في هذه الحالة إذا كان الدعاء موجها من الأدنى إلى الأعلى ، كما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام ( ربِ اجعلْ هذا البلد آمنا ، وارزقْ أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر  ) وقال المتنبي يخاطب سيف الدولة قائلا : أخا الجودِ أعطِ الناسَ ما أنت مالكُ = ولا تعطينَّ الناس ماأنا قائل  2- ونأمر لنتمنى : إذا كان الأمر لغير العاقل كقول امريء القيس: ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ = بصبح وما الإصباحُ منك

لماذا الاستفهام في البلاغة ؟!!

نستفهم لنطلب المعرفة عن سؤال حقيقي لانعرف إجابته. كما يطرق الباب طارقٌ ، فنرد من الداخل  منْ الطارق؟ فيجيبنا أنا فلان فنعرفه أو نطلب المزيد من التعريف به . وهذا ما يسمى الاستفهام الحقيقي. ولكن في علم المعاني ؛ فرع البلاغة العربية ، يخرج الاستفهام عن معناه الأصلي ليؤدي أغراضا كثيرة نحو : 1- نستفهم لننفي الخبر في السؤال  مثل قوله تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟!!) والمعنى : ليس جزاء الإحسان إلا الإحسان . وكما جاء في قول الشاعر البحتري : هل الدهرُ إلا غَمْرَة وانجلاؤها = وشيكا وإلا ضيقةٌ وانفراجها  والمعنى ليس الدهر إلا هكذا ( شدة ثم فرج  قريب)  2- ونستفهم عندما نريد أن ننكر الخبر الذي نسمعه في السؤال ، ونرفضه ،  كما قال تعالى مثلا :  ( أتعبدون ما تنحتون ؟)  فهذا استفهام إلهي انكاري على الكفار وعُبَّاد الأصنام . إنه مرفوض ومستنكر . ونقول لمن يجحد فضل المحسن : ( أتسيءُ إلى منْ أحسنَ عليك ؟!) فأنت تنكر عليه هذا السلوك المرفوض. وجاء في الشعر قول المتنبي الشاعر : أتلتمسُ الأعداءُ بعد الذي رَاَتْ = قيامَ دليلٍ أو وضوحَ بيانِ؟!! 3- ونستفهم أيضا لنقرر خبرا جاء في السؤال أ